لماذا تنتشر البدع في شهر رجب؟
شهر رجب من الأشهر الحرم التي اختصها الله بالتعظيم. هذا التخصيص قد يدفعُ البعض إلى ابتداع عبادات وأفعال لم يرد فيها دليلٌ من القرآن أو السنة، بغرض تعزيز تقديرهم لهذا الشهر. مما يؤدي إلى خروجهم عن الالتزام بهدي النبي ﷺ، باللجوء إلى اختلاق أحاديث وعبادات يظنون بها الخير، لكنها تُعدُّ خروجًا صريحًا عن الشريعة التي أُمِرَ جموعُ المسلمين باتباعها.
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية: "ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجب حديث، بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها كذب".
أهمية التمسك بالقرآن والسنة
التقرب إلى الله هو الهدف والمبتغى الذي تقومُ عليه حياةُ المسلم، ولكن يجب أن يكونَ ذلك وفقَ ما شرعه الله. قال النبي ﷺ: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". فالابتداعُ في الدين، وإن كان وراءهُ نية حسنة، يظل مرفوضًا لأنه يخالفُ وصية النبي الكريم باتباع هديهِ وسنّته. وتعظيمُ الأشهر الحرم يتحقّقُ بالالتزام بالطاعات المشروعة كالاستغفار، والإكثار من النوافل، وترك الذنوب، دون اللجوء إلى اختراع عباداتٍ لم ترد عنه ﷺ.
عبادات مبتدعة وأحاديث مخترعة
في سبيل تعظيم شهر رجب، اخترع الناس عبادات لم يثبت فيها أي نص شرعي، ورووا أحاديث ضعيفة أو موضوعة اتفق العلماء على بطلانها. قال الإمام النووي: "لم يثبت في صوم رجب نهيٌ ولا ندب لعينه؛ ولكن أصل الصوم مندوبٌ إليه"، مما يدل على أن أي اعتقاد بخصوصية الصوم في هذا الشهر لا أصل له.
أبرز البدع المتعلقة بشهر رجب:
صلاةُ الرغائب:
وهي صلاةٌ ابتُدعت لأول مرة في المئة الرابعة بعد الهجرة وتؤدى في أول ليلة جمعة من رجب، وتتضمّنُ أذكارًا مستحدثة وتستندُ إلى أحاديث مكذوبة، منها حديث: "ما من عبدٍ صلى هذه الصلاة إلا غفر له جميع ذنوبه". قال الإمام النووي عنها:
"هي بدعةٌ مُنكرة مذمومة"، وحكم عليها ابن حجر وابن الجوزي بالوضع.
العمرة الرجبية:
على الرغم من أن العمرة عبادة مستحبة في كُل الشهور، إلا أن تخصيصها بشهر رجب دون دليل يُعدُّ من البدع. إذ قال العلماء إن الاعتقاد بأن العمرة في هذا الشهر أفضل من غيره لا أصل له.
صيام رجب:
وُضعت أحاديث مكذوبة عن فضل صيام أيام معينة من رجب أو صيامه كاملاً. قال ابن حجر في كتابه تبيين العجب بما ورد في فضل رجب:
“كل ما ورد في صومه من أحاديث إما موضوع أو ضعيف”.
كيف نتجنب البدع في العبادات خلال الأشهر الحرم؟
التمسك بهدي النبي ﷺ بلا تحريف
قال الإمام مالك رحمه الله: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله يقول: اليوم أكملت لكم دينكم، فما لم يكن يومئذٍ دينًا، فلا يكون اليوم دينًا". والخير كلُّ الخير في اتباع سنة النبي ﷺ، وهدي القرآن الكريم، قال الله تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
