يّعدُّ فقد الطعام وهدره واحدة من أكبر التحديات التي تواجه البشرية اليوم في عالم يُعاني فيه أكثر من 800 مليون شخص من الجوع، وهي قضية عالمية تؤثر على الاقتصاد والبيئة والمجتمع. وفي عالم يواجه تحديات الجوع وتغير المناخ، فإن إيجاد حلول فعالة لهذه المشكلة ليس خيارًا، بل ضرورة. إذ تُقدّر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن نحو ثلث الطعام المُنتج للاستهلاك البشري يُفقد أو يُهدر سنوياً، وهو ما يعادل حوالي 1.3 مليار طن من الغذاء.
فقد الطعام وهدره.. ما الفرق؟
يُميز الخبراء بين فقد الطعام وهدره، وهو أمر ضروري لفهم كيفية معالجة المشكلة. يُشير فقد الطعام إلى الطعام الذي يُفقد في مراحل الإنتاج، الحصاد، التخزين، أو النقل. أما هدر الطعام فيحدث على مستوى المستهلك أو الموزعين، حيث يُهدر الطعام في المنازل والمطاعم والأسواق.
أسباب فقد الطعام وهدره
تتعدد أسباب فقد الطعام وهدره، وتعتمد على المرحلة التي يحدث فيها الفقد أو الهدر. وفيما يلي بعض الأسباب الرئيسية:
الآثار المترتبة على فقد الطعام وهدره
لا تقتصر الآثار الناتجة عن فقد الطعام وهدره على الجانب الأخلاقي فقط، بل تمتد إلى آثار بيئية واقتصادية واجتماعية، وهو ما يجعل معالجة هذه المشكلة ضرورة ملحة.
الأثر البيئي: هدر الطعام يُسهم بشكل كبير في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة. فعندما يتحلل الطعام المُهدر في مكبات النفايات، فإنه يُنتج غاز الميثان، الذي يُعد من الغازات الدفيئة الأكثر تأثيرًا في تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، تُهدر كميات هائلة من المياه والطاقة والموارد الطبيعية التي تُستخدم في إنتاج الغذاء.
الأثر الاقتصادي: يشكل فقد الطعام وهدره خسائر اقتصادية هائلة للمزارعين والشركات والمستهلكين على حد سواء. الشركات تتكبد تكاليف إضافية للتخلص من الطعام الفاسد، والمستهلكون يهدرون أموالهم على طعام لا يُستهلك.
الأثر الاجتماعي: في الوقت الذي يُهدر فيه الطعام في بعض الدول، يعاني ملايين الأشخاص من الجوع وسوء التغذية في دول أخرى. هذه الفجوة بين الفائض والعجز تعكس اختلالاً في نظام توزيع الغذاء العالمي.
ما الحل؟
تتطلب معالجة مشكلة فقد الطعام وهدره تعاونًا بين الحكومات، القطاع الخاص، والمجتمع المدني. إليك بعض الحلول المقترحة:
هدر الطعام والإسراف في الإسلام
يُعد هدر الطعام من السلوكيات المرفوضة في الشريعة الإسلامية، إذ يُحث الإسلام على الاعتدال في كل شيء، بما في ذلك استهلاك الطعام.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
والإسراف في الطعام ليس ضاراً للإنسان من الناحية الصحية وحسب، بل يتعدى ذلك ليكون تبذيراً للنعمة التي وهبها الله لعباده، مما يتعارض مع مبدأ الشكر والحفاظ على نعم الله.
حفظ النعم في الإسلام
يدعو الإسلام إلى احترام نعم الله وشكرها من خلال عدم التبذير أو الإسراف في استهلاكها.
ففي الحديث الشريف عن رسول الله ﷺ قال: "كُلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يُخالطه إسراف أو مخيلة" ما يحثنا على التصرف بحكمة واعتدال في تناول الطعام هو جزء من أخلاق المسلم.
كما يشجع الإسلام على التصدق من الطعام الفائض بدلاً من إهداره، إذ يُعد تقديم الطعام لمن هم بحاجة إليه من أعظم الأعمال التي تُقرّب الإنسان من الله.
وهذا المنهج الإسلامي يدعو إلى خلق مجتمع متراحم ومتوازن، حيث يحث على توزيع الموارد بشكل عادل ويقل الهدر والتبذير.