منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، لم تتوقف هيومان أبيل عن أداء رسالتها الإنسانية في غزة، رغم الحصار، ونقص الموارد، وخطورة الأوضاع الميدانية. وعلى مدى عامين كاملين، واصلت فرقنا العمل على مدار الساعة لتأمين الغذاء والماء والمأوى والرعاية الصحية لملايين المتضرّرين، لتصبح هيومان أبيل اليوم واحدة من أبرز الجهات الإنسانية العاملة في القطاع، وتحِل في المركز الثاني في توزيع مياه الشرب النظيفة بحسب تقارير WASH Cluster.
خلال هذه الفترة الحرجة، بلغ إجمالي المساعدات التي قدّمتها هيومان أبيل 18,369,233 خدمة إنسانية عبر مختلف القطاعات. وهذا الجهد المستمر يعكس التزامنا الثابت بأن نصل إلى كل إنسان، وأن نمنح الأمل حتى في أحلك الظروف.
الأمن الغذائي: 9.2 مليون تدخل إنساني
منذ الأيام الأولى للحرب، شكّل الغذاء أولوية قصوى. فبالتعاون مع شركائنا المحليين والإقليميين، وزّعنا 104,017 طردًا غذائيًا داخل غزة، عبر مئات الشاحنات القادمة من مصر والأردن. واحتوى كل طرد على مواد غذائية عالية الجودة تكفي الأسرة لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
وفي رمضان 2024، أطلقنا حملة "مليون وجبة ساخنة"، والتي سرعان ما تجاوزت الهدف المحدد، واستمرت حتى نهاية سبتمبر 2025 بتقديم أكثر من 8.3 مليون وجبة ساخنة في مختلف أنحاء القطاع. وكل وجبة كانت تُعد من مكونات مغذية تشمل الأرز، والخضروات، واللحم أو الدجاج عند توفره، لتحمل معها شيئًا من الدفء والمواساة في خضم الألم والمعاناة.
ولم تقتصر مبادرات الغذاء على الطرود والوجبات، بل شملت 10,400 طرد خضروات مزروعة محليًا داخل غزة في الصوبات الزراعية، بالإضافة إلى 17,000 وجبة شاورما كانت بمثابة لمسة فرح للأطفال وأسرهم وسط الحصار. كما وزّعنا 4,861 كيس دقيق بوزن 25 كجم لدعم المخابز والعائلات، مما مكّننا من توفير آلاف الأرغفة يوميًا حتى في ذروة انقطاع الكهرباء والوقود.
المياه والنظافة: 8.8 مليون خدمة حيوية
الماء هو الحياة، وفي غزة كان الوصول إليه تحديًا يوميًا. وعلى ذلك فقد عملت محطة تحلية المياه التابعة لهيومان أبيل لمدة ست ساعات يوميًا حتى اجتياح رفح في مايو 2024، بإنتاج بلغ 52 ألف لتر من المياه النظيفة في الساعة. كما وزّعنا 61,868 مترًا مكعبًا من المياه العذبة بواسطة شاحنات النقل لدعم المخيمات والمناطق المحاصرة.
إلى جانب ذلك، قدّمت فرقنا 10,700 طقم نظافة للأسر النازحة و289 طقم عناية خاصة بالنساء لدعم الكرامة والنظافة الشخصية في ظروف الإيواء الصعبة. كما نفّذنا مشروعًا ضخمًا لإدارة النفايات الصلبة، حيث تمت إزالة 2,151 طنًا من النفايات من المخيمات، مما ساهم في الحد من انتشار الأمراض وتحسين بيئة العيش لعشرات الآلاف من النازحين.
المأوى والشتاء: حماية العائلات وسط العراء
حين فقدت آلاف الأسر منازلها، كانت هيومان أبيل من أوائل الجهات التي وفرت المأوى الطارئ. حيث نصبنا 165 خيمة في ثلاثة مخيمات رئيسية شمال غزة، مزوّدة بالمراحيض وخزانات المياه. كما أطلقنا مشروعًا فريدًا لتصنيع الخيام محليًا بالتعاون مع الأونروا في ديسمبر 2023، ما ضمن استمرار عملية الإيواء حتى في ظل إغلاق المعابر.
وفي ذروة البرد، وزّعنا 5,609 بطانية، و4,317 مرتبة، و12,431 قطعة ملابس شتوية، إضافة إلى 2,578 قسيمة شراء شتوية أتاحت للعائلات اختيار احتياجاتها بنفسها. كما وفّرنا 175 طنًا من حطب الوقود للعائلات التي لم تتمكن من الحصول على الغاز أو الكهرباء للطهي والتدفئة.
وعلى صعيد المأوى الدائم، أطلقنا مشروع إعادة تأهيل المنازل المتضررة جزئيًا، ونعمل حاليًا على ترميم 100 منزل جديد لتوفير سكن كريم وآمن للأسر النازحة.
المواسم: رمضان والعيد والأضاحي
رغم الحرب، واصلنا إحياء المواسم الدينية بروحها الإنسانية. ففي رمضان 2025، نظّمنا أكبر إفطارات جماعية في غزة شمالًا ووسطًا وجنوبًا، بمشاركة آلاف الصائمين، وبحضور واسع من الإعلام المحلي والعالمي. كما أدخلنا الفرح على قلوب الأطفال من خلال احتفالات العيد وتوزيع هدايا العيد، فضلًا عن تنفيذ مشروع الأضاحي رغم ندرة المواشي، بذبح 182 خروفًا وبقرتين داخل غزة، وتوزيع لحوم الأضاحي المعلبة لضمان استفادة أكبر عدد من الأسر.
التعليم والدعم النفسي والاجتماعي
من أبرز أولوياتنا دعم الأطفال في مواصلة تعليمهم رغم الظروف القاسية. فقد أنشأنا 4 فصول متنقلة في مختلف مناطق غزة، وقدّمنا فيها حصصًا في المواد الأساسية، إلى جانب جلسات الدعم النفسي والاجتماعي. كما نواصل كفالة الأيتام في غزة منذ عام 1991، ونزورهم مرتين سنويًا لضمان حصولهم على الرعاية المتكاملة. وفي 2025 أطلقنا مشروع دار الأيتام للأطفال اللطماء -الذين فقدوا كلا الوالدين- لتأمين رعاية دائمة وسكن كريم لهم.
من الطوارئ إلى إعادة الإعمار
على مدى عامين، جسدت هيومان أبيل قيم التضامن والإنسانية في غزة — من أكثر من 18 مليون خدمة إنسانية إلى مشاريع مستمرة في الغذاء والماء والتعليم والصحة والمأوى. ومع وقف إطلاق النار في أواخر 2025، بدأنا مرحلة جديدة من الأمل، إذ نستعدُّ لتدشين أعمال إعادة الإعمار إلى جانب مشاريعنا الإغاثية الأخرى، لإعادة بناء المنازل المهدّمة، وترميم المدارس، واستعادة البنية التحتية المجتمعية التي تعيد لأهل غزة كرامتهم واستقرارهم.
غزة… قصة صمود ووفاء
حكاية غزة ليست فقط قصة معاناة، بل أيضًا طريقٌ طويلٌ من الصمود والبقاء. في كل وجبة ساخنة، وكل خيمة نُصبت، وكل لتر ماء نُقل، وكل ابتسامة طفل، كانت هيومان أبيل هناك — تحمل الأمل، وتكتب فصولًا جديدة من الإنسانية.