أثرت الكارثة الواقعة على قطاع غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر الماضي على القطاع الصحي تماماً كما امتد أثرها على أيٍّ من جوانب الحياة الأخرى في القطاع.
وقد حذر مدير عام منظمة الصحة العالمية من مغبة انهيار النظام الصحي بقطاع غزة المحاصر، مشيراً إلى وجود 10 مستشفيات فقط تعمل بشكل جزئي من أصل 36 مستشفى موزعة في أنحاء القطاع.
إن لتدمير البنية التحتية للرعاية الصحية في غزة عواقب إنسانية وصحية وخيمة على السكان، إذ وثقت منظمة الصحة العالمية العديد من الحالات التي تأخر فيها أو أُعيق تقديم الرعاية الصحية، مما أدى إلى وفياتٍ كان من الممكن تجنبها.
عوضاً عن أنّ الاكتظاظ في المدارس ومراكز النزوح والتي يصل فيها الأمر إلى أن يتشارك أكثر من 400 شخص في كثير من الأحيان مرحاضاً واحداً، إلى تفاقم انتشار الأمراض مثل التهابات الجهاز التنفسي الحادة والعديد من الأمراض الجلدية الآخذة بالانتشار أكثر فأكثر.
وفي السياق نفسه، تواجه الفرق الطبية نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والإمدادات الطبية بسبب الحصار الشديد المفروض على القطاع.
المقتولون بصمت
يُشير التقرير الذي نشرته منظمة أطباء بلا حدود والذي يحمل عنوان "المقتولون بصمت في غزة: تدمير نظام الرعاية الصحية والمعاناة في سبيل النجاة في رفح" إلى تفاقم احتياجات السكان في القطاع بوتيرة سريعة فيما يبقى نظام الرعاية الصحية غير قادر على الاستجابة.
ويؤكد التقرير على أن مستشفيات غزة تخرج عن الخدمة واحدًا تلو الآخر إما بسبب تعرضها للهجوم أو تضررها أو تدميرها بالقصف والاستهداف، أو بسبب افتقارها لكميات كافية من الوقود والإمدادات اللازمة لتقديم الخدمات.
عوضاً عن أن نظام الرعاية الصحية مثقل بالمرضى الذين يعانون من إصابات ناجمة عن الحرب ويحتاجون إلى رعاية عاجلة للإصابات البالغة مثل عمليات بتر الأطراف والعمليات الجراحية المتخصصة. وغالبًا ما لا يكون لدى الطاقم الطبي والمرافق الطبية القدرة على التعامل مع حجم الإصابات في الأماكن التي شهدت هجمات واسعة النطاق.
أطفالٌ دون غذاء أو علاج
تؤكد منظمة اليونيسف وغيرها من المنظمات الإنسانية على أن وضع الأطفال في غزة مأساويٌ للغاية، إذ يعاني واحد من كل ثلاثة أطفال في شمال غزة من سوء التغذية الحاد، ويواجه أكثر من مليون من سكان غزة انعدام الأمن الغذائي الحاد.
أما انهيار النظام الصحي فيعني أن العديد من الأطفال الذين يعانون من إصابات أو أمراض يمكن علاجها لا يمكنهم الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، مما يزيد من معدل وفيات الأطفال.
كما يؤدي تدمير المرافق والمراكز الطبية وحصار الإمدادات الأساسية إلى تفاقم الأزمة. فعلى سبيل المثال، أُجريت العديد من عمليات بتر الأطفال دون تخديرٍ يُذكر، وفي أحيان كثيرة يضطر بعض الأطباء إلى المفاضلة في تقديم العلاج نظراً لعجزهم الكبير وشحّ المواد والمستلزمات المتوفرة لديهم.
حوامل وسط الكارثة
هناك أكثر من 150 ألف امرأة حامل يواجهن ظروفا مأساوية في غزة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع، ما يعني أنهنّ بالكاد قادرات على الحصول على الرعاية الطبية اللازمة في ظل توقف غالبية المراكز الطبية عن استقبالهن، بسبب خروجها عن الخدمة.
تحصل هذه النساء بالكاد على الحد الأدنى من المياه النظيفة أو الطعام وغالبيته غير صحي، بالإضافة إلى وسائل النظافة الشخصية. وغالباً يعانين من الأمراض المعدية والإصابة بالبكتيريا والجراثيم في ظل عدم توفر بيئة صحية مناسبة لوضعهن الخاص. وبسبب اكتظاظ المستشفيات بالمصابين والمرضى، لجأ بعض الأطباء إلى إنشاء عيادات متنقلة خاصة بتوليد النساء في المناطق الجنوبية من قطاع غزة، ولكن غالباً ما يلدن دون استعمال أي مخدر، مما يضاعف من آلام مخاضهنّ أثناء الولادة. كما شهد القطاع العديد من حالات الإجهاض والولادة في البيوت بسبب صعوبة وصول النساء للمستشفيات.