آيات من القرآن عن فضل سقيا الماء

ما هي أهمية الماء في الإسلام ؟

الماء هو أساس الحياة وجوهرُ استمراريتها، فقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: 30].

فهو نعمةٌ عظيمة لا يستغني عنها البشرُ ولا الدواب، فبدونه لا تقومُ حياةٌ لإنسانٍ أو حيوانٍ أو نبات. وقد منَّ الله عز وجل على عباده بهذه النعمة رزقًا وجودًا وذُكرَت أهميةُ الماء في مواضع عدة من القرآن، فقال سبحانه: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: 48]، ليكون بركةً تحيا بها الأرض وتتطهرُ بها النفوسُ والأبدان.

في الإسلام، للماء قيمة روحية وعبادية؛ فهو وسيلة الطهارة للصلاة والعبادات، وهو كذلك مورد رزق ومعاش للناس. لذلك ارتبط فضل سقي الماء بمكانة عليا في الشريعة الإسلامية، كونه من أعظم القربات وأوسع الصدقاتِ نفعًا.

آيات من القرآن عن فضل سقي الماء

ذكر القرآن الكريم أثر الماء وفضله في مواضع كثيرة، ومنها:

• ﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ [الإنسان: 21]، وهذه الآية تبشّر أهلَ الجنة بالشراب الطهور جزاءً لأعمالهم الصالحة، وفيها إشارة إلى عِظَم قدر من يسقي العطشى في الدنيا.
• (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) [المؤمنون: 18]. تشير الآية إلى حكمة الله في إنزال الماء، وأن سقيه والاهتمام به هو فضل منه ونعمة.
• ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ [الروم: 50]، أي أن الماء سبب حياة الأرض، ومن يشارك في إيصال الماء فقد أحيا نفوسًا كثيرة.
• (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) [الأعراف: 50], هنا يظهرُ من طلب أهل النار للماء قبل الطعام، مدى أهمية الماء وكون سقي الماء عملًا عظيمًا، كما أنها توضح حرمان الكفار منه كعقاب.
• ﴿وَسَقَاهُ مَاءً غَدَقًا﴾ [الجن: 16]، أي أن الله تعالى جعل الماء الغزير نعمة عظيمة وسببًا للرخاء. - (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) [ق: 9] وتوضح هذه الآية كيف أن الماء سبب في إنبات النباتات وإحياء الأرض، مما يجعل سقيه وسيلة للخير والبركة.

فهذه الآيات تؤكد أن الماء أساسٌ للحياةِ والرحمة والرّخاء، وسقياهُ للناس من أعظمِ الصدقات.

أحاديث عن فضل سقي الماء

وردت أحاديث صحيحة عديدة عن النبي ﷺ تُبيّن عِظم أجر سقي الماء، منها:

• قال رسول الله ﷺ: «أفضلُ الصدقة سقي الماء» [رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
• وعن سعد بن عبادة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أي الصدقة أحب إليك؟ قال: «الماء» [رواه ابن ماجه].

قصص عن فضل صدقة الماء

من أجمل القصص الواردة، أن سعد بن عبادة رضي الله عنه لما توفيت أمه قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها (ماتت فجأة)، وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم. قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: «سقي الماء».

فبنى بئرًا صدقة جارية لأمه، فكان ذلك من أعظم القربات التي ينتفعُ بها الميت ثوابًا، وينتفعُ بها الأحياءُ ارتواءً وحياة.

كما جاءَ في الصحيحين من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما رجلٌ يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرًا فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلبٍ يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خُفّه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب، فشكر اللهُ له فغفر له، قالوا يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: في كل كبدٍ رطبةٍ أجر.

فهذه صدقةُ سقيا المادِ على الحيوان، فكيف بها إن كانت على أخيكَ الإنسان!
كما يُروى أن بعض الصحابة كانوا إذا أرادوا التصدق جعلوا الماء في مقدمة عطائهم، لعلمهم بعظيم فضله وأثره الباقي.

فوائد سقي الماء في الإسلام

1. أجر عظيم عند الله: لما فيه من إحياء الأنفس وسد حاجات المحتاجين.
2. صدقة جارية: يستمر أجرها بعد موت صاحبها، لقول النبي ﷺ
3. «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» [رواه مسلم].
4. تخفيف عن الميت: إذ يصل ثوابها له، كما فعل سعد بن عبادة لأمه.
5. رحمة بالمخلوقات: فحتى الحيوانات والطيور يُكتب لصاحبها الأجر إذا سقاها.
6. تعزيز التكافل الاجتماعي: حيث يشعر الفقير أن له حقًا في هذه النعمة.

كيفية تطبيق سقي الماء كصدقة جارية

• يمكن للمسلم أن يُطبق هذا العمل المحمود بوسائل متعددة:
• بناء الآبار في القرى الفقيرة والمناطق النائية.
• توفير خزانات أو مبردات مياه في المساجد والمدارس والأماكن العامة.
• المشاركة في مشاريع المياه الخيرية التي تنفذها المؤسسات الموثوقة مثل هيومان أبيل.
• توصيل شبكات المياه للمنازل الفقيرة أو إصلاحها.

كيف يمكنني المساهمة في مشاريع توفير المياه ؟

يمكنك المساهمة بعدة طرق، منها:

• التبرع المالي عبر الجمعيات الخيرية الموثوقة.
• المشاركة التطوعية في حملات حفر الآبار أو تركيب نقاط المياه.
• نشر الوعي بين الناس بأهمية الماء وضرورة ترشيده ومساعدة المحرومين منه.
• الإهداء عن الميت: بنية الصدقة الجارية لأحبائك الراحلين.

هل بناء بئر يعتبر صدقة جارية ؟

نعم، بناء بئر ماء أو المساهمة فيه من أعظم الصدقات الجارية؛ لأن نفعه يتعدى للناس والدواب، ويستمر أجره ما دام البئر قائمًا. وقد أجمع العلماء على أن هذا العمل من الصدقة الجارية التي يبقى ثوابها لصاحبها بعد وفاته.

قال الإمام النووي رحمه الله: "وأما الصدقة الجارية فالمراد بها الوقف ونحوه مما يجري نفعه ويدوم". ولا شك أن حفر البئر وإسقاء الناس من أعظم هذه الأعمال.

إن فضل سقي الماء في الإسلام عظيم، دلّت عليه آيات القرآن وأحاديث النبي ﷺ، وبيّنت أن أعظم الصدقات أثرًا ونفعًا هو إيصال الماء إلى العطشى والمحرومين. فهو صدقة جارية لا تنقطع، ينتفع بها الأحياء ويصل ثوابها إلى الأموات.

فلنجعل لنا سهمًا في مشاريع المياه الخيرية، سواء ببناء بئر، أو توفير مبرد ماء، أو دعم مبادرة لإيصال المياه لمنطقة نائية ومحرومة. قال رسول الله ﷺ: «أفضلُ الصدقة سقي الماء»