00447519374782
سلة الخير
-

كيف توازن حياتك بين الدنيا والآخرة

 كيف توازن حياتك بين الدنيا والآخرة

في ظلّ القلق والسرعة المتزايدة التي نعيشها في عالم اليوم، كثيراً ما نتساءل في أنفسنا: كيف نحقق التوازن في حياتنا ونوفق بين ديننا ودنيانا دون أن نجد أنفسنا وقد ركنت إلى الدنيا وغرقت في همومها وملذاتها

ولا تنسَ نصيبك من الدنيا

دعا القرآن الإنسان أن يعمل لآخرته دون أن ينكر عليه عمله لدنياه ولحياته الدنيوية. فلم يدعُ الإسلام إلى الرهبانية وتعذيب الجسد وحرمانه من طيِّبات الحياة: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾.

وفي تفسير الآية الكريمة: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾، يقول السعدي، رحمه الله تعالى:

"أي: قد حصل عندك من وسائل الآخرة ما ليس عند غيرك من الأموال فابتغ بها ما عند الله، وتصدّق، ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات وتحصيل اللذّات. ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ أي لا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك وتبقى ضائعًا، بل أنفق لآخرتك، واستمتع بدنياك استمتاعًا لا يثلُم دينك ولا يضر آخرتك".

وقد قال الرسول ﷺ في الحديث الصحيح في الخارج من بيته للعمل: (إنْ كان خرج يسعى على ولدِه صغارًا فهو في سبيلِ اللهِ وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيلِ اللهِ وإنْ كان خرج يسعى على نفسِه يعفُّها فهو في سبيلِ اللهِ وإنْ كان خرج يسعى رياءً ومفاخرةً فهو في سبيلِ الشيطانِ).

أغِث أهلنا في غزة

ربنا آتنا في الدنيا حسنة

إذن، فبإمكان المسلم أن يجمع بين عمله للدنيا والآخرة، ويحوِّل حياته كلها إلى أجر وثواب، وطاعة وعبودية لله تعالى. وقد دعا الإسلام الناسَ إلى العمل حتى عقب الصلاة مباشرة. قال تعالى: {{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}}.

فالمؤمن يأخذ بالأسباب ويبذل الوسعَ في تحصيل الرزق الحلال، ويعمُر الأرضَ بما يرضي الله، فيستمتع بدنياه بما لا يضر بدينه ولا بآخرته، وهذا المعنى هو أحد التفسيرين في قوله -تعالى-: (وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا).

وفي سورة البقرة أيضاً، يقول الله -عز وجل: {{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}}

وعن هذه الآية، يقول ابن كثير في تفسيره: "فجَمَعت هذه الدعوةُ كلَّ خير في الدنيا وصرفت كل شر، فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة ورزق واسع، وعلم نافع وعمل صالح ومركب هني وثناء جميل".

والآخرة خيرٌ وأبقى

روى الترمذي رحمه الله عن أنس رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: " من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ". في هذا الحديث يرشد النبي أمته إلى جعل الآخرة أكبر الهم بحيث لا يطغى حب الدنيا والانشغال بها على القلوب فتكون الدنيا هي أكبر الهم.

فمن كانت الآخرة همه: أي أهم ما يشغله، وكانت هي قصده في عمله وحياته، وليس المقصود أنه يترك أمر الدنيا بالكلية؛ لأنه لابد له من الاشتغال بأمور الدنيا من سعي في طلب الرزق وقيام بأمر نفسه وزوجه وأولاده وغير ذلك من أمور الدنيا، لكنه في غالب أموره يشتغل بالآخرة، بل في أمور الدنيا يجاهد نفسه على نية ونوايا صالحة يفوز منها بأجور عظيمة فيكون غالب همه الآخرة.

ومَن جعلَ همَّه الأكبر الآخرة والعمل لها كفاه الله هَمَّ دنياه، ومن استولت عليه الدنيا واستولت على قلبه وجعلها همّه عاش عبداً أسيراً لها مفرقَ الهمّ، مشتتَ البال، لا يقنع بكثير ولا يسعد بيسير، وقد كان من دعاء النبي: "ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا".

الصدقة من أحب الأعمال إلى الله عز وجل

تصدق الآن
عودة للأخبار