رمضان صديق للبيئة: دليلك العملي لتقليل هدر الطعام على مائدة الإفطار

كيفية المساهمة في إفطار الصائمين في رمضان

حين يأتي رمضان، تعمُرُ موائدنا بالبركة والخير من كلّ ما لذّ وطاب بما يفيضُ عن الحاجة، وفي الوقت نفسه نشهد ازديادًا شديدًا في هدر الطعام في رمضان وهو أحد أكثر السلوكيات التي تُناقض روح هذا الشهر، ووصايا حفظ النعمة التي أمرنا بها الله ورسوله ﷺ. تشير تقارير بيئية وغذائية إلى أنّ معدل الهدر في الدول العربية يزداد بنسبة تتراوح بين 25–40% في رمضان، بسبب زيادة الشراء، وضعف التخطيط، والعزائم الكبيرة، ما يجعل رمضان رغم مكانته الدينية كشهرٍ للطاعاتِ والقرب من الله، من أكثر المواسم التي يزداد فيها الإسراف في الأكل ومظاهر التبذير.
الإسلام دينٌ يعلّمنا الوسطية، ويحثّنا على عدم التبذير، قال تعالى: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾. وقال سبحانه عن الذين يُكرِمون النعمة ويحفظونها: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾. ومعًا، يمكننا أن نجعل رمضان صديقًا للبيئة، لا موسمًا للتكديس والهدر، بل مناسبةً للتوازن، وإعادة النظر في عاداتنا الغذائية.

فطِّر الصائمين
ما هي أسباب هدر الطعام في رمضان؟

ما هي أسباب هدر الطعام في رمضان؟

رغم نيات الخير، إلا أن الكثير من العوامل تجعلنا نقعُ في دوامةِ الإسراف في رمضان. ومن أبرز هذه الأسباب:

1. الإفراط في شراءِ المواد الغذائية

قبل رمضان، تزداد حملات التخفيضات، فيتجه الكثيرون إلى شراء كميات أكبر من حاجتهم، خوفًا من نقص الغذاء أو رغبةً في تجهيز كل ما يلزم للشهر دفعةً واحدة. وهذا يؤدي إلى تلف جزء من الأطعمة أو بقائها دون استخدام.

2. إعداد مائدة إفطار أكبر من الحاجة

العادات الاجتماعية تجمع العائلة حول مائدة عامرة، لكن غالبًا ما يكون حجم الطعام أكبر بكثير من قدرة أفراد الأسرة على الاستهلاك، ما يخلّف كميات كبيرة من بقايا الطعام.

3. ضعف التخطيط للوجبات

عندما لا تُخطّط الأسرة لقائمة طعام أسبوعية، ينتهي بها الحال بإعداد أطباق كثيرة غير مترابطة وزائدة عن الحاجة، وتكرار الطهي بلا تقدير للكميات.

4. ثقافة العزائم الرمضانية

العزائم قيمة جميلة تعبّر عن التراحم والترابط، لكنها تتحوّل أحيانًا إلى مظاهر مبالغ فيها، فتُعد الموائد فقط لإبهار الآخرين، وليس لحاجتهم الحقيقية.

5. غياب الوعي بقيمة النعمة

من أسباب مظاهر التبذير في شهر رمضان أن كثيرًا من الناس لا يرون حجم الأثر البيئي والاجتماعي لهدر الطعام، من استنزاف المياه والطاقة إلى ازدياد النفايات.

طرود غذائية رمضانية

ماذا قال الرسول عن إهدار الطعام؟

النبي ﷺ شدّد على احترام النعمة والبعد عن التبذير، بل جعل حفظ الطعام من أوجه الشكر لله تعالى.
من الأحاديث النبوية الصحيحة:

قال ﷺ: «إنَّ اللهَ ليرضى عن العبدِ يَأْكُلُ الأَكْلَةَ فيحمَدُه عليها، ويشرَبُ الشَّربةَ فيحمَدُه عليها». وفيه دعوة واضحة لربط النعمة بالحمد والشكر، لأن الشكر الحقيقي يظهر في حفظ النعمة وعدم رميها.
وفي حديث صحيح آخر: «كُلوا واشربوا وتصدّقوا في غير سرفٍ ولا مخيلة» .وفيه أنّ الإسلام لا يمنع التنعم، لكنه يمنع الإسراف الذي يذهب بالبركة.

سوبر إفطار حول العالم
ما هي أفضل الطرق للحد من هدر الطعام؟

ما هي أفضل الطرق للحد من هدر الطعام؟

تحويل البيت المسلم إلى بيت "صديق للبيئة" في رمضان أمر سهل متى ما تغيّر السلوك. إليك أفضل الطرق العملية:

1. ضع خطة أسبوعية للطعام

حدّد قائمة طعام واقعية، طبقين رئيسيين على الإفطار، وطبق واحد على السحور. فالأسر التي تعتمد "قائمة أسبوعية" يقلّ هدرها.

2. قِس الكميات بحكمة

استخدم أكواب معيارية، أو طبخ كميات تكفي عدد أفراد الأسرة فقط. قاعدة بسيطة: طبق لكل شخص، وليس مائدة لكل فرد.

3. استثمر بقايا الطعام

يمكنك تحويل الأرز المتبقي إلى محشي خضار، أو الفراخ الباقية إلى شاورما، أو الخضار المتبقي إلى شوربة. إعادة تدوير الطعام مهارة توفر المال وتحمي البيئة.

4. ابتعد عن شراء العروض الضخمة

العروض مغرية، لكن شراء 5 كيلوات من التمر لأن عليه خصم لن يقلل الهدر، بل سيزيده. اشترِ ما تحتاجه فقط.

5. تجميد الطعام الذكي الأطعمة التي لا تُستهلك في اليوم نفسه يمكن تجميدها فورًا بدل تركها تفسد في الثلاجة.

6. قدّم كميات صغيرة ثم أعد التعبئة

أثبتت التجارب أن تقديم الطعام في أطباق أصغر يقلل الهدر بنسبة 15–20%.

7. اشرك الأطفال في مفهوم "حفظ النعمة"

علّمهم أن كل حبة أرز وراءها مزارع، وماء، وطاقة، ويدٌ عملت، وأن رميها يعني رمي جهد إنسان ونعم الله.

8. تبرّع بالطعام الآمن

إن كان لديك فائض من الطعام السليم، يمكن مشاركته مع جار أو عامل أو أسرة محتاجة، وفق الضوابط الصحية.

باقات سوبر إفطار غزة

أفضل جدول غذائي في رمضان للحد من الهدر

الهدف من "الجدول الغذائي" هنا ليس تخفيف الوزن، بل تنظيم الكميات لضمان رمضان صديق للبيئة. إليك نموذجًا عمليًا:

اليوميات الرمضانية (نموذج أسبوعي)

الإفطار

  • تمر + ماء
  • شوربة خضار أو عدس
  • طبق رئيسي واحد فقط (دجاج/لحم/سمك)
  • طبق جانبي واحد (أرز أو معكرونة أو خضار سوتيه)
  • طبق سلطة كبير

بعد التراويح

  • فاكهة أو كوب زبادي
  • تجنّب الحلويات الثقيلة يوميًا

السحور

  • طبق بروتين خفيف (بيض/جبن/فول)
  • رغيف صغير أو شوفان
  • خضار/خيار/طماطم
  • ماء كافٍ

قواعد الجدول:

  • لا يتكرر أكثر من نوع لحم يوميًا.
  • لا تزيد الكميات عن حاجة الفرد.
  • يُمنع إعداد أصناف جديدة قبل الانتهاء من الطعام الزائد في الثلاجة.
  • يفضّل استخدام بقايا الإفطار في وجبة السحور أو في اليوم التالي.

تقليل هدر الطعام في رمضان عبادة تُظهر شكر النعمة، وامتثالًا لقول الله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾.
وهو أيضًا عمل إنساني يعيد توزيع النعم، ويضمن أن يصل الطعام للفقراء والمحتاجين بدلاً من وصوله إلى سلال النفايات.
رمضان فرصة عظيمة ليصبح كل بيت "صديقًا للبيئة"، وكل أسرة أكثر وعيًا، وكل فرد سببًا في نشر ثقافة حفظ النعمة.

ساهم في تفطير الصائمين بتوفير وجبات الإفطار أو الطرود الرمضانية في 16 دولة

فَطِّر الصائمين
عودة للأخبار