صيام مرضى السكري في رمضان: متى يجب الإفطار وكيفية تنظيم الجرعات؟

صيام مرضى السكري في رمضان

مريض السكري، كغيره من المسلمين، يستقبلُ رمضان بروح إيمانية عالية، ورغبة في الصيام والتقرّب إلى الله، لكنه أيضًا يقف أمام تحدٍّ صحي دقيق يتطلّب معرفةٍ واضحةٍ بالمسموح والممنوع، وكيفية تنظيم الأدوية والوجبات للحفاظ على مستوى السكر في الدم. فالصيام قد يحمل فوائد لبعض المرضى عند ضبطه بشكل صحيح، لكنه قد يعرّض آخرين لمضاعفات خطيرة مثل هبوط السكر الحاد، الجفاف، أو ارتفاع السكر إلى مستويات خطرة.

وقد أشار النبي ﷺ إلى أهمية رفع الحرج عن المريض، فقال: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ». فالمريض مأجورٌ سواء صام دون ضرر، أو أفطر حفاظًا على صحته.

ولكي يتخذ مريض السكري القرار الصحيح، يحتاج إلى فهم حالته، ومتابعة مستويات السكر، ومعرفة اللحظات التي يصبح فيها الإفطار واجبًا، إضافة إلى الإرشادات الغذائية والدوائية التي تجعل الصيام آمنًا.

طرود غذائية رمضانية
المسموح والممنوع لمرضى السكري

المسموح والممنوع لمرضى السكري

أولًا: المسموح

تساعد هذه الأطعمة على استقرار سكر الدم خلال الصيام، وتمنح طاقة بطيئة الامتصاص:

  • الكربوهيدرات المعقّدة: مثل الشوفان، خبز الحبوب الكاملة، البرغل، الفريكة.
  • البروتينات الصحية: الدجاج المشوي، السمك، البيض، البقوليات.
  • الخضروات الغنية بالألياف: الخيار، الخس، البروكلي، الكوسا.
  • الدهون الجيدة: زيت الزيتون، حفنة صغيرة من المكسرات غير المملحة.
  • شرب الماء باعتدال: بين الإفطار والسحور لتعويض السوائل ومنع الجفاف.
  • الفاكهة منخفضة السكر: التوت، الفراولة، التفاح بكمية معتدلة.


ثانيًا: الممنوع

هذه الأطعمة تسبب ارتفاعًا سريعًا في سكر الدم أو تؤدي إلى العطش الشديد:

  • السكريات البسيطة: الحلويات، العصائر، المشروبات الغازية، السكر الأبيض.
  • الأطعمة المقلية: لأنها ترفع مقاومة الإنسولين وتزيد العطش.
  • الكربوهيدرات السريعة: مثل الخبز الأبيض والأرز الأبيض بكميات كبيرة.
  • الوجبات الثقيلة وقت الإفطار: لأنها تسبب ارتفاعًا حادًا في السكر ثم هبوطًا سريعًا.
  • الملح الزائد: لأنه يؤدي إلى العطش وارتفاع الضغط.


ما حكم الصوم لمريض السكر؟

حكم صيام مريض السكري يختلف حسب شدّة المرض واستقرار مستوى السكر:

1. يجوز الصيام لمن كانت حالته مستقرة

مثل:
مرضى السكري من النوع الثاني الذين يعتمدون على الحمية أو أدوية فموية بسيطة. المرضى ذوي السيطرة الجيّدة على مستوى السكر (HbA1c أقل من 7.5–8%). هؤلاء يمكنهم الصيام بشرط المتابعة المستمرة واستشارة الطبيب.


2. يُكره الصيام وقد يُمنع لمن لديهم خطورة عالية

مثل:

  • مرضى النوع الأول غير المستقرين.
  • من تعرّضوا سابقًا لغيبوبة كيتونية أو انخفاضات شديدة.
  • الحوامل المصابات بالسكري.
  • كبار السن الذين يعانون من نقص الوعي بنوبات الهبوط.


3. يجب الإفطار ويحرم الصيام إذا كان يؤدي لضرر محقق

قال تعالى: ﴿ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا﴾.
منع الصيام هنا يأتي لحماية المريض من الخطر، ويُعَدّ الإفطار طاعةً لا تقصيرًا.

باقات سوبر إفطار غزة

ما هو معدل السكر الطبيعي للصائم في رمضان؟

الحفاظ على مستوى سكر طبيعي أثناء الصيام هو العامل الأهم لضمان صيام آمن لمرضى السكري. ويختلف المعدل المقبول قليلًا بين الأطباء، لكن أغلب الإرشادات الطبية تجمع على الحدود التالية:

معدلات السكر الطبيعية أثناء الصيام

  • من 70 إلى 110 mg/dL: معدل طبيعي وآمن للصائم.
  • من 110 إلى 140 mg/dL: معدل مقبول، خصوصًا لمرضى النوع الثاني المسيطرين على حالتهم.
  • أقل من 70 mg/dL: مؤشر هبوط خطير يستدعي الإفطار فورًا.
  • أكثر من 300 mg/dL: ارتفاع خطير يستوجب الإفطار والاتصال بالطبيب.


بعد الإفطار بساعتين

  • يجب أن يكون مستوى السكر أقل من 180 mg/dL لتجنّب الارتفاعات المفاجئة.
التبرع السريع للأيتام والمحتاجين في الخليج

ماذا يحدث لمريض السكر عند الصيام؟

يدخل مريض السكري في سلسلة تغيّرات هرمونية أثناء الصيام تؤثر على مستوى السكر في الدم، وقد تكون مفيدة أو خطيرة حسب نوع السكري والتحكم به:

  • فوائد محتملة للصيام
  • زيادة حساسية الخلايا للإنسولين.
  • تحسين مستويات الدهون.
  • فقدان الوزن الزائد، وهو أمر مفيد لمرضى النوع الثاني.
  • تحسين الضغط وصحة الأوعية الدموية.


مخاطر قد تواجه المريض

  • هبوط السكر (Hypoglycemia): بسبب الامتناع عن الطعام لفترة طويلة أو تناول جرعات دواء غير مناسبة.
  • ارتفاع السكر (Hyperglycemia): بسبب الإفراط في تناول الحلويات والدهون وقت الإفطار.
  • الجفاف: خصوصًا إذا كان المريض يستخدم مدرّات البول أو يعاني من ارتفاع السكر غير المضبوط.
  • الحماض الكيتوني: خطير جدًا، ويحدث عادة لدى مرضى النوع الأول عند نقص الإنسولين.


كيف نقلل هذه المخاطر؟

  • ضبط جرعات الدواء بإشراف طبي.
  • تناول إفطار متوازن وتجنّب الإكثار من السكريات.
  • الالتزام بسحور غني بالألياف والبروتين للحفاظ على استقرار السكر.
  • شرب كمية كافية من الماء بين المغرب والفجر.

سوبر إفطار حول العالم

كفارة مريض السكري في رمضان

تترتب الكفارة فقط على المريض غير القادر على الصيام نهائيًا بسبب مرضٍ مزمن لا يُرجى شفاؤه، وينطبق هذا على بعض حالات السكري الشديدة التي يحذر فيها الأطباء من الصوم بشكل دائم.

حكم الكفارة

قال تعالى:
﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ (البقرة: 184).

  • تكون الكفارة إطعام مسكين عن كل يوم.
  • يمكن دفع قيمة الوجبة أو تقديم الطعام مباشرة.
  • لا تجب الكفارة على من يفطر بسبب ارتفاع أو هبوط السكر المفاجئ؛ فهؤلاء يقضون الأيام لاحقًا إن استطاعوا.


وجبات مرضى السكري في رمضان

التحكم في نوعية وكمية الطعام خلال رمضان هو العامل الأكثر تأثيرًا على استقرار مستوى السكر. لذلك يحتاج مرضى السكري إلى نظام غذائي متوازن يمنع الارتفاعات الحادة بعد الإفطار ويقلل خطر الهبوط أثناء النهار.


أولًا: وجبة الإفطار المناسبة لمرضى السكري

يُنصح بكسر الصيام تدريجيًا ثم تناول وجبة متوازنة:


البداية (كسر الصيام)

  • 1–3 تمرات فقط (لرفع السكر ببطء).
  • كوب ماء.
  • شوربة خفيفة مثل العدس أو الخضار بدون كريمة.


ثم الوجبة الأساسية

يُفضّل أن تحتوي على:

  • مصدر بروتين: دجاج مشوي، سمك، أو لحم قليل الدهن.
  • كربوهيدرات معقّدة: نصف كوب من البرغل، الفريك، أو الأرز البسمتي بكمية محدودة.
  • خضروات كثيرة: سلطات بدون سكر أو صوصات دسمة.
  • دهون صحية: ملعقة صغيرة من زيت الزيتون فقط.


أطعمة يجب تجنبها وقت الإفطار

  • المقليات (مثل السمبوسة).
  • الحلويات الشرقية.
  • العصائر المحلّاة.
  • الإفراط في الخبز الأبيض أو الأرز.


ثانيًا: وجبة السحور للمحافظة على استقرار السكر

السحور هو الوجبة الأهم لصيام آمن، لأنه يمنع الهبوط والجفاف.


أفضل خيارات السحور

  • بيض مسلوق أو أومليت بالخضار.
  • شوفان بالحليب قليل الدسم.
  • فول بدون زيت زائد، مع قليل من الليمون والكمون.
  • قطعة جبن قريش أو جبن قليل الدسم.
  • شرائح خيار وخس وبندورة.
  • حبة فاكهة منخفضة السكر مثل التفاح أو الإجاص.


تجنّب في السحور:

  • الملح الزائد.
  • المخللات.
  • الأطعمة الدسمة (تزيد العطش والهبوط).
  • السكريات السريعة.


بين الإفطار والسحور

  • شرب الماء بشكل منتظم (من 6–8 أكواب).
  • تناول سناك صحي مثل حفنة مكسرات غير مملحة أو زبادي خالي الدسم.
  • تجنّب الحلويات بعد التراويح.


التبرع السريع عبر تطبيقات الهاتف: أسهل الطرق لدعم الخير

نصائح في الصيام لمرضى السكري

لضمان صيام آمن، يحتاج المريض إلى خطة واضحة تشمل التغذية والمتابعة والدواء:

نصائح طبية مهمة

  • زيارة الطبيب قبل رمضان لتحديد القدرة على الصيام.
  • قياس السكر عدة مرات يوميًا، خاصة عند الشعور بدوخة أو إرهاق.
  • تعديل جرعات الإنسولين أو الأدوية وفق توصية الطبيب.


نصائح غذائية

  • تناول الطعام ببطء لتجنب الارتفاع المفاجئ.

  • تقسيم وجبة الإفطار إلى جزأين لتخفيف العبء على البنكرياس.

  • تجنّب الإفراط في النشويات.

  • اعتماد طبق السلطة كجزء أساسي من الوجبة.

نصائح عامة

  • عدم بذل مجهود زائد وقت النهار لتجنب الهبوط.

  • النوم جيدًا، فالحرمان من النوم يزيد مقاومة الإنسولين.

  • حمل مصدر سريع للسكر دائمًا (مثل حبة تمر أو قطعة سكر) لاستخدامها عند الهبوط.

متى يجب التوقف عن الصيام لمرضى السكري؟

هناك لحظات يصبح فيها الإفطار واجبًا شرعيًا وضرورة طبية لحماية المريض من مضاعفات خطرة.
يجب الإفطار فورًا إذا:

  • انخفض السكر أقل من 70 mg/dL.

استمر انخفاض السكر بين 70–90 mg/dL مع وجود أعراض مثل:

  - دوخة
  - تعرق
  - خفقان
  - صداع
  - رعشة


- ارتفع السكر أكثر من 300 mg/dL. - أصيب المريض بجفاف شديد أو ألم في الصدر. - ظهرت علامات الحماض الكيتوني: - عطش شديد - تنفس سريع - غثيان أو قيء - رائحة فم تشبه الفاكهة - المريض من النوع الأول وشعر بتدهور في الوعي أو الإرهاق غير المعتاد.

قاعدة عامة للتذكّر

أي شعور غير معتاد أو قياس خارج الحدود الطبيعية يجعل الإفطار واجبًا لا خيارًا.

والله تعالى يقول:
﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾
رحمةً منه وتيسيرًا.

ساهم في تفطير الصائمين بتوفير وجبات الإفطار أو الطرود الرمضانية في 16 دولة

فَطِّر الصائمين
عودة للأخبار