في كل شتاء، تكشف القسوة المناخية هشاشة حياة الملايين في كُلٍّ من غزة وسوريا، تحت وطأة النزاعات، والظروف المعيشية والأزمات الخانقة. فبين الأمطار الغزيرة، والعواصف، ودرجات الحرارة المنخفضة، تتفاقم معاناة الأسر المستضعفة التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحماية. ويتضاعفُ الألم والمعاناة في المخيمات ومناطق النزوح حيث لا تتوفر تدفئة آمنة، ولا بنية تحتية قادرة على مواجهة الطقس العنيف، ولا حتى ملابس شتوية كافية لتدفئة الأطفال.
وفي خضم هذه المأساة، لا يسعنا إلا أن نتذكّر قول الله تعالى: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾، لتذكّرنا بأن كل معطف، وكل بطانية، وكل دفء كيفما كانت صورته يصل لأسرة محتاجة هو عمل خير قد يساوي حياة بأكملها.
موجات النزوح في الشتاء… أعداد تتزايد كل عام
في غزة، يعيش مئات آلاف السكان منذ بداية الحرب وحتى اليوم في نزوحٍ مستمر ومتكرر، فبعض الأسر نزحت ما يزيد عن 6 مرات، وفي كل مرة تزداد الظروف قسوة، وتقطن عشرات الآلاف من الأسر في مخيمات مؤقتة تفتقر إلى العزل الحراري، ما يجعلها غير قادرة على مواجهة أول موجة مطر. وتزداد هذه المعاناة مع تراكم مياه الأمطار التي تغمر الخيام وتفسد الأغطية والملابس، مما يرفع معدلات الأمراض المرتبطة بالبرد خصوصًا بين الأطفال.
وفي سوريا، لا يزال النزوح هو الواقع اليومي لملايين النازحين الذين يعيشون في خيام مهترئة، بعضها بلا أرضية عازلة أو شبكات صرف صحي. ومع بداية الشتاء، تتحول الخيام إلى برك مياه، وتضطر العائلات لنقل متاعها إلى مكان آخر، بحثًا عن أرض أقل طينًا أو تعرّضًا للمطر.
تكرار النزوح كل شتاء يعني فقدان الملابس، والبطانيات، وحتى القدرة على التدفئة، الأمر الذي يجعل الأزمات الشتوية تعيد تشكيل المعاناة عامًا بعد عام بشكلٍ أكثر ضراوة.
انهيار البنية التحتية في مواجهة المطر والبرد
البنية التحتية في غزة تعاني من تدهور شديد:
شبكات الصرف شبه معطّلة بالكامل.
هذا الانهيار يجعل الأمطار البسيطة تتحول إلى فيضانات داخل المخيمات، فتغرق الخيام ويفسد الطعام والممتلكات، وترتفع الإصابات بأمراض الجهاز التنفسي بنسب مرعبة خلال الشتاء.
وفي شمال غرب سوريا، تتكرر الصورة ذاتها:
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 70% من مخيمات الشمال السوري لا تستطيع مقاومة الأمطار المتوسطة، وأن 90% منها بلا مصادر تدفئة آمنة.
أزمات نقص الوقود وتأثيرها في غزة وسوريا
أزمة الوقود تُعدّ من أعقد مشكلات الشتاء في غزة وسوريا لأنها تؤثر على:
في غزة، تعتمد الأسر على بدائل خطرة للتدفئة، مثل حرق الورق والأقمشة القديمة، مما يعرّضها لخطر الاختناق. أما في سوريا، فيلجأ الكثيرون لحرق البلاستيك أو الوقود البديل منخفض الجودة.
استجابةً لذلك، قامت هيومان أبيل بتوفير ما مجموعه* 600 طن* من وقود البيرين المستخرج من بقايا الزيتون لدعم آلاف الأسر النازحة في شمال غرب سوريا، وهو مصدر تدفئة آمن وفعال وبديل عن الحطب والوقود الصناعي.
المساعدات الإنسانية لمقاومة أزمات الشتاء
بين غزة وسوريا، تكثف هيومان أبيل جهودها عبر حملات شتوية واسعة النطاق، تعتمد على التوزيع المباشر، والقسائم الشرائية، والمواد العاجلة، مع ضمان التوثيق الكامل والشفافية.
أولًا: المساعدات الشتوية في غزة
1) الملابس الشتوية
2) البطانيات والفرش
بلغ مجموع ما تم توزيعه في غزة:
وكلها وُزّعت على الأسر الأكثر تضررًا من البرد.
3) الدعم الحراري
قدمت هيومان أبيل عبر شركائها:
تكفي لتدفئة مئات الأسر لمدة شهر كامل في المخيمات الجنوبية.
4) القسائم الشرائية
توزيع مئات القسائم الشرائية التي تسمح للعائلات باختيار الملابس الشتوية وفق احتياجاتهم، مع توثيق كامل وشفافية عالية.
ثانيًا: المساعدات الشتوية في سوريا
1) الحقائب الشتوية
وزّعت هيومان أبيل في سوريا ما مجموعه:
2) مواد التدفئة
وفّرت هيومان أبيل:
هذه الأرقام تُظهر حجم الاستجابة، لكنها في الوقت ذاته تكشف ضخامة الاحتياج، فعدد العائلات المحتاجة يفوق بكثير إمكانات المنظمات الإنسانية في ظل الظروف الحالية ويحتاجُ إلى تكاتف كل الجهود الممكنة.
كيف يمكننا المساهمة في حماية الأسر من برد الشتاء؟
يقول النبي ﷺ:
«مَن فرَّج عن مؤمن كُربةً من كُرَب الدنيا، فرج الله عنه كُربةً من كُرَب يوم القيامة».
وما أكثر الكُرب التي يسببها البرد والجوع والنزوح.
تستطيع المساهمة عبر:
كل مساهمة مهما كانت بسيطة قد تشكل الفرق بين الصحة والمرض وبين البرد والدفء.
الخاتمة
شتاء غزة وسوريا ليس فصلًا مناخيًا عابرًا فحسب بل هو اختبار إنساني يكشف عمق هشاشة الحياة في المخيمات. لكن وسط هذه المعاناة، تثبت حملات هيومان أبيل أن الأمل ممكن، وأن الدفء يمكن أن يقطع آلاف الكيلومترات ليصل إلى طفل يرتجف في داخل خيمة مُبتلّة، أو أم تحاول حماية أطفالها من المطر، أو مُسِن لا يجد ما يشعله ليتدفّأ ليلًا.
إنّ أرقام الدعم التي وصلت، رغم فاعليتنا، ما زالت أقل بكثير من حجم الحاجة. ومع ذلك، يظل كل معطف، وكل فراش، وكل دفء يصل لأسرة محتاجة دليلًا على أن الإنسانية لا تزال حية.
الأسئلة الشائعة
كم عدد الأسر المتضررة من البرد في غزة وسوريا؟
يقدّر أن مئات آلاف الأسر تعيش مخاطر مباشرة بسبب النزوح، وضعف البنية التحتية، ونقص التدفئة.
ما أبرز أسباب تكرار الأزمات الشتوية في هذه المناطق؟
كيف تصل المساعدات إلى المناطق المنكوبة؟
عبر فرق هيومان أبيل الميدانية وشركاء محليين موثوقين، مع مراعاة: