ها هو الشتاءُ يتسلّلُ خفية، لينسَل من بين قماش الخيام الضعيفة، لا يحمل معه نسيمًا باردًا فحسب، بل يحمل قسوة البرد، وغزارة المطر، والليل الطويل الذي لا يرحم أجساد الأطفال ولا قلوب الأمهات. في غزة وسوريا ولبنان واليمن وغيرهم من مناطق الحروب والكوارث والأزمات، يعيش الملايين داخل خيام هشّة، تُقاوم الطبيعة كل يوم، لكنها لا تستطيعُ مهما حاولت أن تمنح ساكنيها الدفء أو الحماية.
يقول الله تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾، أي الذي التصَق بالتراب فلا ملجأ لهُ يحميه من شدة الفقر والحاجة. ويقول ﷺ: « الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله» (متفق عليه).
ومع اشتداد برد الشتاء، يصبح الإحسانُ إلى النازحين وسكان الخيام واجبًا إنسانيًا ودينيًا ضروريًا.
كيف يعيش الناس داخل الخيام في الشتاء؟
الحياة داخل الخيام في الشتاء شديدة القسوة، فبين المطر الذي يُغرق والرياح التي تقتلع، يبقى سُكّان الخيام بلا حمايةٍ ولا دفء. فالخيمة التي كانت ملجأً مؤقتًا تصبح في الشتاء عبئًا ثقيلًا؛ لا تحمي من البرد، ولا توقف تسرب المياه، ولا تمنع العواصف من اقتلاع أطرافها.
داخل الخيمة ومن حولها، تحاول العائلات إشعال بعض الحطب أو قطع البلاستيك للحصول على الدفء، ما يتسبب في روائح خانقة وحرائق متكررة ومشاكل صحية لا تُحصى. والأرضُ غالبًا ما تكون موحِلة، والبطانيات رطبة ودبِقة، وقماش الخيام ترشحُ ماءً فوق
أنواع الصعوبات التي يواجهها سكان الخيام
1. خطر المياه والسيول
تُعد الأمطار الغزيرة من أخطر ما يواجهه النازحونَ داخل الخيام. إذ تتحول المخيمات إلى بِرَك من الطين، وتغرق الخيام خلال دقائق.
في غزة شتاء 2023–2024، شهدت مناطق النازحين آلاف حالات غرق الخيام بعد أول موجة أمطار. في هذا الشتاء أيضًا، انهارت أغلبُ الخيام مع أول موجة مطر.
في مخيمات سوريا، تُسجَّل سنويًا آلاف حوادث تضرّر الخيام بسبب تجمع المياه أو السيول الجارفة. أغلب الخيام ليست مرفوعة على قواعد إسمنتية، ما يجعل الماء يدخل مباشرةً إلى أماكن النوم. عندما تغرق الخيمة، لا يتلف الأثاث البسيط فقط، بل تتلفُ الملابس، والكتب المدرسية، وحتى الطعام. ويستيقظ الأطفال ليجدوا فراشهم قد غمره الماء البارد.
2. خطر نقص الوقود والملابس
الوقود في مناطق النزوح شحيح وغالٍ، وغالبًا غير متوفر. وفي بعض الأحيان، لا تجد الأسر أي وسيلة للتدفئة سوى حرق النفايات أو الكرتون.
3. خطر انتشار المشاكل الصحية
الشتاء داخل خيمة يعني رطوبة عالية، وبيئة مغلقة مناسبة لتكاثر مختلف أنواع الجراثيم وانتقالها، ونقصًا في المياه النظيفة. وكل هذه الظروف تمثل أرضًا خصبة للأمراض.
أبرز المشكلات الصحية:
- الالتهابات التنفسية الحادة
- الإنفلونزا
- الالتهاب الرئوي
- التهابات الأمعاء
- تفاقم أمراض الربو والحساسية
- انخفاض حرارة الجسم لدى الأطفال تحديدًا
تشير البيانات الطبية إلى أنّ أكثر من 40% من مراجعي العيادات الشتوية في سوريا وغزة هم من الأطفال الذين يعانون من أمراض صدرية نتيجة تدني ظروف المعيشة في الخيام.
دور المساعدات الإنسانية في مواجهة برد الشتاء
في وجه هذا الواقع القاسي، تأتي المساعدات الإنسانية كخط دفاع أول ضد البرد. ويبرز دور الجمعيات الخيرية في الشتاء -ومنها هيومان أبيل- في توفير حملات جمع التبرعات التي تهدف إلى إنقاذ الأرواح وتعزيز صمود آلاف العائلات.
تعمل هذه الحملات على تزويد الأسر المحتاجة بـ:
هذه المساعدات لا تحلّ المشكلة بالكامل، لكنها تمنح العائلات فرصة لتجاوز الشتاء بأمان.
وبفضل المتبرعين حول العالم، استطاعت هيومان أبيل خلال السنوات الماضية حماية آلاف الأسر في غزة وسوريا ولبنان واليمن وغيرها من الدول من برد الشتاء القاسي.
إن تأثير المساعدات الإنسانية ليس ماديًا فقط، بل يعيد للإنسان إحساسه بالكرامة، ويؤكد أن الطيبين لم يتركوه وحده أمام البرد.
دور هيومان أبيل في دعم النازحين
هيومان أبيل تعمل منذ سنوات على دعم الأسر النازحة في غزة وسوريا ولبنان واليمن، عبر برامج شتوية متعددة تختلف باختلاف المنطقة واحتياجاتها وتشمل:
وقد نجحت فرق هيومان أبيل، بفضل تبرعات داعميها، في حماية آلاف العائلات من قسوة الأمطار والسيول خلال السنوات الماضية، مع التزام كامل بالشفافية وإيصال التبرعات إلى مستحقّيها حتى في أصعب الظروف الأمنية واللوجستية والإنسانية.
الخاتمة
الخيمة ليست بيتًا مستقرًا، والشتاء ليس ضيفًا خفيفًا على سكان الخيام. حيث يعيش النازحون فصلًا كاملًا من التحديات القاسية التي تهدد صحتهم وكرامتهم وحياتهم. ومع غياب البنية التحتية والموارد، تصبح المساعدات الإنسانية هي الحائط الوحيد بين عائلة ضعيفة وبين مأساة جديدة.
الأسئلة الشائعة
هل تصل المساعدات فعلاً إلى المستفيدين؟
نعم، تعمل فرق هيومان أبيل على متابعة دقيقة لعمليات التوزيع، بالتعاون مع فرق ميدانية محلية، لضمان وصول كل مساعدة لأسرة مستحقة. ويتم توثيق التوزيعات بالصور والفيديوهات والتقارير لضمان الشفافية.
هل المساعدات تصل مباشرة للمناطق المتضررة؟
نعم. تعمل الفرق الميدانية لهيومان أبيل على الأرض في عدد من الدول، وتقوم بشراء المواد محليًا أو إقليميًا ثم توزيعها على المستحقين وفق معايير واضحة وشفافة.
ما أكثر الصعوبات التي تواجه الأسر في الخيام شتاءً؟
أبرز الصعوبات تشمل: