18.11.2024
قد يكون الشتاء هو الفصل المفضَّل لدى كثيرين، لما يحمله من أجواء السكينة والصفاء الذهني، مع البعد عن الإجهاد الحراري في فصل الصيف، وذلك إذا تغاضينا شيئًا ما عن برودة الأجواء بعد مواجهتها بوسائل التدفئة والملابس المناسبة. لكنه، من منظور آخر، يظلّ الفصل الكارثيّ والأسوأ لمَن فقدوا دفء بيوتهم، إما لأنهم اضطروا لتركها نزوحًا إلى مكان آمن، أو أنها هُدمت بالقصف والتدمير المتعمَّد في ظل الحروب (وأحيانًا نتيجة كوارث طبيعية).
التحديات التي يواجهها النازحون في فصل الشتاء
ففي الشهور الأخيرة من السنة يأتينا الشتاء بطقسه البارد ورياحه العاصفة وأمطاره، وكل هذا يستلزم جهودًا كبيرة في مواجهة ذلك الطقس وتلك الأمطار والرياح في الظروف العادية ولمَن يعيشون في بيوتهم تحوطهم جدرانها وتحميهم من شدة العواصف والرياح ومن البلل والبرودة. غير أن هذا كله يزداد أضعافًا مضاعفة بالنسبة للنازحين والمشرّدين بسبب الحروب أو الكوارث الطبيعية، وهو حال إخواننا النازحين اليوم في غزة ولبنان وسورية والسودان وغيرها من البلاد العربية والإسلامية.
ومن أبرز ما يعانيه النازحون النزوحُ نفسه وعدم توفّر المأوى المناسب والملائم إنسانيًّا. فالنازحون يعيشون في خيامٍ بالية لا تحوي فرشات أو وسائد للنوم، فلا تقيهم البرد القارس أو الأمطار، بل تصبح أشبه بالثلاجات في الليل، وهو ما يعرّضهم لكل أمراض الشتاء المحتمَلة. فالنوم على الأرض في تلك الخيام، أو حتى في مراكز الإيواء والمدارس، يجعل النازحين عرضة للكثير من الأمراض والرطوبة والأمراض التي تصيب عظامهم، لا سيما كبار السن.
إضافةً لهذا، فالنازحون، وقد تركوا بيوتهم فجأة ولم يحملوا ما يكفي من الأغراض، لا يكادون يجدون الأحذية بمختلف أنواعها، ولهذا يضطر الأطفال للمشي حفاةً، مع ما يعنيه هذا من تعرّضهم للجراثيم والأمراض أو الإصابات وسط الركام والمواد الصلبة والحادة. ومن ناحية أخرى، لا تتوفّر الملابس الشتوية الكافية للتدفئة، لأن النازحين بالكاد فرّوا بأرواحهم وما تيسّر حمله معهم.
أما من الناحية الصحية، فهناك من النازحين من هم مصابون بأمراض مزمنة ويجدون صعوبة في توفير الأدوية الضرورية لهم، فضلًا عن الأدوية الخاصة بأمراض الشتاء وما يصحبه من فيروسات معدية. ومن جهة أخرى، لا يستطيع النازحون الحصول على المياه الساخنة، نظرًا لشحّ الوقود وأسطوانات الغاز، فتزداد معاناتهم في الشتاء.
إضافةً لهذا، لا تكاد تتوفر الحفاظات الصحية اللازمة للأطفال أو كبار السن، وهي مشكلة صحية كبيرة ناتجة عن الحصار في غزة، ولكنها قد تظهر أيضًا في أي مراكز للإيواء نظرًا للتكدس البشري وصعوبة توفيرها بشكل متواصل في أماكن بعينها.
من ناحية أخرى، يعاني النازحون في قطاع غزة من مشاكل تتعلق بالصرف الصحي نظرًا لانقطاع الوقود عن البلديات، وهي مشكلة تتفاقَم شتاءً نظرًا لتسرّب مياه الصرف واختلاطها بالأمطار، مما يجعل الشوارع تغرق في أوحال ومشكلات بيئية وصحية خطيرة.
تأثير البرد القارس على صحة الأطفال وكبار السن في مخيمات النزوح
بسبب ما ذكرنا من قبل، يمكن القول إن لفصل الشتاء آثار سلبية كبيرة على صحة الأطفال وكبار السن من النازحين، نتيجة ما يصابون به من الأمراض المعدية والفيروسات، مع عدم تحمل أجهزة المناعة لهذا التراكم من الأمراض في فترة متقاربة، في ظل صعوبة التباعد وصعوبة الحصول على العلاج في الوقت المناسب.
الاحتياجات الأساسية للنازحين في الشتاء: الدفء والطعام والرعاية الصحية
في ظل هذه الظروف القاسية، يحتاج النازحون بشكل عاجل إلى توفير الوجبات الساخنة على نحوٍ كافٍ، إضافة إلى وسائل التدفئة والملابس الشتوية الثقيلة. إضافةً لذلك، لا بد أيضًا من توفير الرعاية الصحية الأساسية لمجابهة أمراض الشتاء والأمراض الفيروسية المعدية.
حملات الإغاثة الشتوية: دور المنظمات الخيرية في تقديم الدعم للنازحين
تسعى الهيئات الإغاثية إلى توفير الحاجات الأساسية لمواجهة الشتاء وطقسه الصعب من خلال حملات الإغاثة الشتوية، وهي حملات تهدف إلى تقديم الطرود الشتائية الطارئة التي تحوي الملابس الشتوية الثقيلة والبطانيات والفرشات اللازمة ووسائل التدفئة، ومستلزمات النظافة والعناية الشخصية من أجل الحفاظ على الصحة العامة في مراكز الإيواء المكتظة بأعداد كبيرة من النازحين. إضافة لذلك، تحاول أيضًا تقديم الدعم للمستشفيات والعيادات المتنقلة لتقديم الحد الأدنى من الرعاية الصحية، ومن ذلك الدعم الوقود اللازم لتشغيل المرافق إلى جانب المستلزمات الطبية والأدوية.
كيف يمكننا المساهمة في تحسين ظروف النازحين خلال فصل الشتاء؟
يمكنكم من خلال موقعنا التبرع لصناديق طوارئ الشتاء المخصصة في العديد من البلدان التي نعمل بها. وستعمل فرقنا الميدانية على توفير ما يلزم لتخفيف معاناة النازحين في الشتاء؛ فكونوا بالقرب ومدّوا أياديكم بالعون لأهلنا النازحين إلى أن يأذن الله لهم بالعودة إلى دفء بيوتهم في أمن وعافية.