يوجه العالم حاليًا أزمة جوع غير مسبوقة.. الجميع يعلم هذا ويلمسه بدرجة مختلفة. تخبرنا إحصائيات الأمم المتحدة أنّ هناك شخصاً واحداً من بين كل تسعة أشخاص في العالم يعاني من الجوع يومياً. يظهر هذا لنا في كل مكانٍ حولنا؛ في وسائل الإعلام الرئيسية، وفي منصات التواصل الاجتماعي، وعلى حسابات الأشخاص الذين نعرفهم، وربما اختبرنا الأمرَ بأنفسنا.

الأسباب كثيرة وراء الأزمة. تعرّض الصراعات الوطنية والدولية الناس للخطر. ليس من خلال العنف الناجم عن تلك النزاعات وحسب، بل ومن خلال نقص قدرة الناس على الوصول إلى الغذاء والمياه الصحية نتيجةً لها أيضاً. عوضاً عن أنّ أزمة المناخ قد خلقت أوضاعاً مأزومةً لزراعة المحاصيل، وألحقت الكوارث الطبيعية ضرراً بالأراضي الزراعية وقيّدت نقل الإمدادات الغذائية الاعتيادية وكذلك إمدادات الطوارئ والمساعدات الإنسانية.

ومع ارتفاع معدلات التضخم وتكاليف المعيشة في أنحاء العالم، تزايد عدد العائلات التي لا تستطيع تناول وجبات طعامها بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية لرقم غير مسبوق. وغالباً ما تجد تلك العائلات نفسها مجبرة على أن تختار بين تدفئة منزلها وتزويده بالطاقة أو الحصول على ما يكفيها من الطعام، وفي أحيان كثيرة لا يتوفر المال لأيٍ منهما من الأساس.

تتواجد هيومان أبيل على الخطوط الأمامية لمكافحة الجوع، وذلك من خلال استجابتها العاجلة لحالات الطوارئ وبرامجها التنموية في العديد من البلدان المختلفة حول العالم؛ من القرن الأفريقي إلى أفغانستان وباكستان واليمن وسوريا وغيرها؛ حيث يعاني المزيد من الأطفال كل عام من فقر الغذاء. يتمثل دورَ هيومان أبيل في مواجهة العديد من أزمات الجوع العالمية، فيما يمكنّها حضورها الفاعل في هذا الميدان من فهم الآثار طويلة المدى لفقر الغذاء بالإضافة إلى الأسباب المتعددة وراءه وطرق مجابهته.

كيف نكافح هذه الأزمة العالمية المتنامية؟ التحدي الأكبر للأزمة يتمثل في مداها وأسبابها متعددة وطويلة المدى، حيث لا يوجد نهجٌ واحد يناسب الجميع. لذلك، من الواجب أن تختلف المناهج بحسب كل مجتمع ودولة. فعلى سبيل المثال، قد نتعامل أحياناً مع بعض الأماكن التي يتوفر فيها الغذاء لكن يتعذّر على الناس فيها الحصول عليه. يختلف هذا عن الأماكن التي تعاني من المجاعات ونقص الغذاء بكلّ تأكيد، لكنه يؤدي في الوقت نفسه لنفس النتائج النهائية. ومن هنا، يتعيّن على نهج هيومان أبيل أن يكون مغايراً بحسب المنطقة التي يعيش فيها المستفيدون من المساعدات.

هناك 350 ألف طفلٍ يواجهون المجاعة في الصومال إذ أنّ موجات الجفاف الشديدة أدّت إلى خسارة المحاصيل والمجاعة التي أثرت على 90٪ من البلاد. وللأسف، لا يقف الخطر الصارخ على المجاعة وحسب، ولكن في فقدان المنازل والأراضي حيث يضطر المزيد من الصوماليين إلى ترك منازلهم، ما يجعلهم نازحين داخلياً، بحثاً عن مصادر الغذاء والمياه. تسعى منظمة هيومان أبيل لمعالجة الاحتياجات العاجلة من خلال توفير حزم غذائية شهرية للنازحين الذين يعيشون في مخيمات في مقديشو. تتضمن هذه الحزم أيضاً علاجات ذات سعرات حرارية عالية وملحّة لاستعادة صحة الأشخاص، وخاصة الأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية وآثار المجاعة الشديدة.

وفي سوريا، ليست أزمة الغذاء نتيجةً للمناخ وظروف الطقس ولكنها حصيلة 11 عاماً متواصلاً من الصراع المستمر. هناك 12.4 مليون نازح سوري، يواجهون نقصاً في الغذاء والجوع؛ ومن هنا نستشفّ ضرورة اختلاف استراتيجية مكافحة الجوع. فجنباً إلى جنب لتوفير الطرود الغذائية، تكافح منظمة هيومان أبيل آثار أزمة الجوع في سوريا من خلال حلول طويلة الأجل مثل بناء المستشفيات وتوفير تقنيات غسيل الكلى والتدخلات الطبية الأخرى والمنازل الدائمة.

الأمور ليست بأفضل حالاً في اليمن حيث يواجه 20 مليون شخص (عدد سكان نيويورك تقريبًا) نقصاً في الغذاء، ويتعرّض 161.000 ألف شخص لخطر المجاعة نتيجة العوامل البيئية وارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ وللأسف، تفاقم الوضع لدرجة أن أكثر من 12 مليون طفل يعالجون من سوء التغذية. هنا يتجسد تنوع تدخلاتنا ضد المجاعة، فبالإضافة إلى توفير الطرود الغذائية، تحارب هيومان أبيل آثار وأسباب أزمة الجوع من خلال إمداد المزارعين بالبذور والمعدات وخزانات المياه. كما ومن خلال توفير الرعاية المكثفة في المستشفيات للنساء والأمهات والأطفال حديثي الولادة الذين غالباً ما يكونون أكثر عرضة للمضاعفات بسبب سوء التغذية.

من خلال صندوق الطوارئ، تقدّم هيومان أبيل المياه والغذاء والدواء للعديد من الفئات الضعيفة في أفغانستان. ومع ذلك، فقد ساء الوضع منذ بدء عملنا هناك. فقد ضرب زلزالٌ شديد مقاطعة خوست بأفغانستان في يونيو الماضي، ما أدى إلى تفاقم أزمة النزوح وأزمة الغذاء التي أثرت بالفعل على 93٪ من الأسر الأفغانية. جديرٌ بالذكر أيضاً أن مليوني طفل أفغانيّ يعانون من سوء التغذية في ظلّ ندرة العلاج بسبب انهيار أنظمة الرعاية الصحية. تقدم هيومان أبيل وجبات طعامٍ مطبوخة للناجين، وتوزّع اللحوم الطازجة في عيد الأضحى على الفئات المستضعفة هناك/

شهد هذا العام أيضاً دخول أوكرانيا في أزمة. ومع نزوح 4 ملايين أوكراني وتواجد الكثيرين منهم في مناطق الصراع، فمن المتوقع أن يعاني 12 مليون أوكراني من ندرة الغذاء. بدأت منظمة هيومان أبيل عملَها بالتواجد على أرض الميدان في بولندا لتوفير الموارد للاجئين وقد تمكنت الآن من الوصول إلى أوكرانيا. ومن خلال الشراكة مع المنظمات غير الحكومية المحلية، فهي تعمل على توفير الغذاء والماء والمأوى الذي تشتد الحاجة إليه في ثلاث مدن رئيسية. كما وسهلت هيومان أبيل إيصال الإمدادات الطبية إلى أوكرانيا بالشراكة مع منظمة Globus Relief USA.

تحتاج الكثير من العائلات، التي ليس بوسعها الصمودَ أكثر، إلى مساعدتنا الآن قبل أن تُزهق أرواح مئات آلاف الناس في هذه الأزمة الصامتة.

هيومان أبيل (جمعية خيرية مسجلة 1154288)، هي منظمة غير حكومية بريطانية مستقلة للتنمية والإغاثة مقرها في مانشستر، المملكة المتحدة. تأسست في عام 1991 وتدير برامج مستهدفة لتخفيف حدة الفقر بالتعاون مع منظمات عالمية مثل الأمم المتحدة. تتمثل مهمة المنظمة في إنقاذ الأرواح من خلال الاستجابة لحالات الطوارئ وبرامج التنمية المستدامة في أكثر من 25 دولة حول العالم.

لا تعمل هيومان أبيل تحت أي اسم آخر، ولا توجد إصدارات بديلة للاسم الرسمي وشعارها الرسمي الوحيد مفصل على موقعها الإلكتروني فقط.

نشره : هيومان أبيل

UK