فطيبوا بها نفساً
الأضحية شعيرةٌ نتقرب بها إلى الله، تذكرنا بأبينا إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام، ونقتدي من خلالها بهدي رسولنا الكريم محمد ﷺ. وهي دليل إخلاصنا لله سبحانه وتعالى وتسليمنا لأوامره.
ولما كانت قربةً نتقرّب بها ومن خلالها إلى الله تعالى، وجب علينا أن نعتني بها أحسنَ اعتناء وأن نختارَ أفضلها وأطيبها. وأكثر من ذلك، علينا أن نكونَ نحن في أطيبِ نفسٍ حين ننوي تقديمها وحين ذبحها وتوزيعها.
ففي الحديث عن أم المؤمنين عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّ رسول الله ﷺ قال: " ما عمل آدميٌّ من عمل يوم النحر أحبّ إلى الله من إهراق الدّم، إنّه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإنّ الدّم ليقع من اللّه بمكان قبل أن يقع من الأرض، فطيبوا بها نفساً".
أي: إذا علمتم أنّه تعالى يَقبَلُه ويَجزيكم بها ثواباً كثيراً، فلتكُنْ أنفسكم بالتضحية طيّبةً غير كارهةٍ لها.
شروط المضحّي
- النية: فعلى المضحّي أن يستحضر نية التقرب إلى الله بفعله وأن يخرجها
طيبةً بها نفسُه.
- البلوغ: ينبغي على المضحّي أن يكون بالغاً. وفي حين ذهب المالكيّة إلى
كونها سنّة للصغير، ورأى الحنفية أنها واجبة إن كان ذا مال، ويُضحّي عنه
أبوه، أو وصيّه، ويُسَنّ له أن يأكل من أضحيته. وهي غير مسنونة للصغير
عند الشافعية، والحنابلة.
- القدرة المالية: بأن يكون صاحبها قادراً على دفع ثمنها، وذلك بأن يكون
مالكا لنصاب الزكاة فاضلاً عن حوائجه الأصلية.
- الكفّ عن أخذ الشعر والأظافر مع بداية ذي الحجة: يسنّ للمسلم العاقل إذا
نوى أن يضحّي أن يكفَّ عن الأخذ من شعره وأظافره إذا هلَّ هلال ذي الحجة
حتى موعد ذبح أُضحيته. ففي الحديث الصحيح عن أم سلمة رضي الله عنها أن
رسول الله ﷺ قال: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك
عن شعره وأظافره". - رواه مسلم،
وفي رواية: "فلا يأخذن شعراً ولا يقلمنَّ ظفراً".
أما الحكمة في هذا، فكما قال جمهور العلماء، فهي في ترك أجزاء الجسد جميعها إلى حين ذبح الأضحية حتى تعتق من النار.
شروط الأضحية
- أن تكون من بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم. لقول الله تعالى في
سورة الحج: {{يَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ
بَهِيمَةِ ٱلْأَنْعَٰمِ}}
- السلامة من العيوب الظاهرة التي تعد نقصاً فيها: قال رسول الله ﷺ :
"أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بين عورها، والمريضة بين مرضها،
والعرجاء بين ظلعها، والكسيرة التي لا تنقي”. - رواه أبو داود وغيره
- أن تبلغ السن المحدّدة شرعاً: ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي
الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم
فتذبحوا جذعة من الضأن".
وهناك سنٌّ معينة لكل نوع من الأضاحي لابد من بلوغها، وهي كالآتي:
الإبل: ما أتمّ 5 سنين.
الغنم: ما أتمّ السنة الواحدة.
البقر: ما أتمّ السنتين.
- أن تكون ملكًا للمضحى أو مأذونًا له بالتضحية بها: وألّا يتعلّق بها
حقٌّ للغير إذ لا يصحّ التضحية بالبهيمة المرهونة على سبيل المثال.
- ذبحها في الوقت المحدّد شرعاً: أي من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب
الشمس من آخر يوم من أيام التشريق.
ما هي الأضاحي التي لا يجوز التضحية بها؟
اتفق الفقهاء على أنّ الأُضْحِيَّة لا تكون من غير الأنعام، وهي الإبل بأصنافها، والبقر بأنواعها، والغنم، ضأناً كانت أو معزاً. ومن ضحَّى بحيوانٍ غير الأنعام، سواء أكان من الدواب أو الطيور، لم تصح أضحيته.
ماهي شروط ذبح أضحية العيد؟
هناك عددٌ من السنن التي ينبغي اتباعها في ذبح الأضاحي، وهي:
- ذبحها في وقتها: ووقت ذبح الأضحية يكون بعد صلاة العيد لما روى عن البراء
أن رسول الله ﷺ قال: "من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن
ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى".
- حضور المضحّي للذبح: يستحب للمضحي إن لم يذبح أضحيته بنفسه أن يحضر
ذبحها، لما روى عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال في الأضحية : "واحضروها
إذا ذبحتم، فإنه يغفر لكم عند أول قطرة من دمها".
- التسمية والتكبير عند الذبح: لما رويَ في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس
قال: "ضحى النبي بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسَمَّى وكَبَّرَ،
ووضع رجله على صِفَاحِهِمَا".
- الدعاء: ففي صحيح مسلم أنه ﷺ قال عند ذبح ضحيته: "باسم الله اللهم تقبل
من محمد وآل محمد". وفي المسند وسنن أبي داود بسند صحيح أنه قال: باسم
الله والله أكبر.
- الإحسان إلى الذبيحة وقت الذبح، وذلك يكون من خلال:
- حدّ السكين: كما في صحيح مسلم عن عائشة أن النبي ﷺ قال لها: "يا عائشة
هلمي المُدْية “السكين”، ثم قال: اشحذيها بحجر".
- إراحة الذبيحة وتوجيه رأسها نحو القبلة: ففي صحيح الترمذي عن رسول الله
ﷺ: "إنَّ اللَّهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ فإذا قتلتُم فأحسِنوا
القِتلةَ وإذا ذبحتُم فأحسِنوا الذِّبحةَ وليُحدَّ أحدُكم شفرتَهُ
وليُرِح ذبيحتَه"
- ألا يكون الذبح أمام مواشٍ وبهائم أخرى
نسأل الله أن يبلغنا وإياكم ذي الحجة وأيام العيد والتشريق وأن يتقبل منا أضاحينا ويجعل فيها البرَكة لتكون عوناً للمحتاجين والمستضعفين حول العالم.
شارك بأضحيتك مع هيومان أبيل
تبرع بأضحيتك الآن