ما الذي تبحث عنه؟
أدخِل كلمات للبحث
جاري البحث
لا توجد نتائج متطابقة
حاول البحث مرة أخرى
عذرًا!
حدث خطأ ما
السودان على حافة المجاعة، لمحة عن الأزمة الحالية
لعلّك طالعت في الأيام الماضية، خبرًا أو ربما عددًا من الصور المؤلمة التي اكتست فيها وجوه الأطفال بالحُزن وحفر الجوعُ شكله وهيئته في ملامحهم البريئة. لكنّ هذه الأزمة الطاحنة لم تبدأ منذُ أيام ولا حتى شهور، بل منذُ أكثر من عامين ونصف، تتفاقم وتتضاعف وتزيدُ وطأتها يومًا بعد يوم مثل كرة ثلجٍ تجرفُ في طريقها أخضرًا ويابسًا ولا أحد يوقفُ انجرافها.
يشهد السودان اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، إذ يواجه الملايين خطر المجاعة بعد أكثر من عامين من النزاع المسلح والانهيار الاقتصادي. حيث يعيش أكثر من 20 مليون شخص في السودان ضحايا انعدام حاد للأمن الغذائي، وفق تقديرات الأمم المتحدة، فيما يعاني الأطفال من معدلات غير مسبوقة من سوء التغذية الحاد.
انهارت سلاسل الإمداد، وتوقفت الزراعة في مساحاتٍ واسعة بسبب الحرب والنزوح، وتضررت الأسواق المحلية، مما جعل الحصول على الغذاء أمراً شبه مستحيل في بعض المناطق مثل دارفور والخرطوم وكردفان. ومع تعطل الخدمات الأساسية، يجد ملايين المدنيين أنفسهم بين مطرقة الجوع وسندان النزاع. وبين هذا وذاك، تعرّضت السودان أيضًا لكوارث طبيعية مدمّرة، إذ ساهمت الفيضانات في الضغط على احتياجات أهلنا هناك، وتعميق أزمتهم، لتُصبح الكارثة هناك واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث.
كيف تؤدي الحروب والنزاعات إلى انعدام الأمن الغذائي؟
إن الحروب والنزاعات المسلحة لا تقتل بالرصاص فقط، بل لها أسلحةٌ أخرى لا تقلُّ قسوةً وعُنفًا عن السلاح، ومنها ذلك السلاح البطئ عميق الأثر، الجوع. فحين تتوقف الزراعة بسبب النزوح القسري، وتُدمّر الأسواقُ والمخازن، وتُغلق الطرق المؤدية إلى المدن، يصبح وجودُ الطعام معجزة حقيقية، ويصيرُ الأمن الغذائي مهددًا، وتنهارُ منظومة الغذاء شيئًا فشيئًا إلى أن تخرج الكارثة عن السيطرة.
في السودان، أدت الحرب إلى تهجير أكثر من 10 ملايين إنسان داخليًا وخارجيًا، وحرمت المزارعين من أراضيهم، وأتلفت المحاصيل، وأجبرت الأسر على الاعتماد الكامل على المساعدات الإنسانية. كما تسبب انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار في حرمان العائلات من شراء أبسط الاحتياجات.
وهنا يأتي دورنا، مصداقًا لقوله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَالْمِسْكِينَ ﴾ (سورة الحج: 28)
تذكيراً بواجبنا الإنساني والإيماني في إغاثة المحتاجين، لا سيما في أوقات الشدائد.
المساعدات الإنسانية، طوق النجاة للسودانيين
في ظل هذا الواقع القاسي، أصبحت المساعدات الإنسانية شريان الحياة الوحيد لملايين السودانيين. فالمنظمات العاملة في الميدان تسعى جاهدة لتوفير الغذاء والماء والمأوى والرعاية الصحية للمحتاجين، رغم المخاطر الأمنية واللوجستية وصعوبة الوصول إلى المناطق المحاصرة. وهو دورٌ عظيمٌ ومسؤولية كبيرة تقعُ على عاتقنا جميعًا، حيث ليس بالإمكان التخلّي عن أخواننا في أصعب أوقاتهم.
توزع فرق الإغاثة المختلفة يومياً آلاف الطرود الغذائية التي تحتوي على الدقيق والزيت والبقوليات والملح والسكر، كما تُقام مطابخ مجتمعية لتقديم وجبات جاهزة للعائلات النازحة. وتعمل الفرق الطبية على توفير خدمات الرعاية الطارئة للأطفال والنساء، الذين يشكلون النسبة الأكبر من المتضررين.
ورغم هذه الجهود، فإن حجم المعاناة يفوق الإمكانات. فبحسب تقارير أممية، يحتاج أكثر من 25 مليون شخص في السودان إلى مساعدات إنسانية عاجلة خلال هذا العام وحده، بينهم 14 مليون طفل بحاجة ماسة إلى الغذاء والتعليم والحماية، وهي احتياجاتٌ أساسية وضرورية لحياة كل طفل.
دور هيومان أبيل في إنقاذ الأرواح بالسودان
منذ اندلاع الأزمة، كانت هيومان أبيل من أوائل المنظمات التي استجابت لنداء السودان. ففي مختلف ولايات السودان، نفّذت المنظمة برامج غذائية وصحية ودعمًا لإيواء النازحين لدعم الأسر المتضررة والنازحة، مع تركيز جهودها على الأطفال والأمهات وكبار السن باعتبارهم الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، والأكثر عرضة للمخاطر.
وتتضمّن جهود المنظمة توزيع الحقائب الإغاثية، ومجموعات مواد الإيواء والنظافة على الأسر المستضعفة، في وقت كانت الحاجة إلى الأساسيات في ذروتها. كما تساهم في دعم مراكز علاج سوء التغذية للأطفال، وجلسات الغسيل الكلوي للمرضى، وتوزيع الكراسي المتحركة على المحتاجين، بالإضافة إلى أجهزة تنظيم ضربات القلب، وتوزيع المياه الصالحة للشرب في مناطق نائية تعاني من الجفاف.
وتعمل هيومان أبيل وفق مبدأ الشفافية الكاملة، حيث تتابع مشاريعها في الميدان بدقة لضمان وصول كل تبرع إلى مستحقيه. وتواصل المنظمة جهودها اليوم من أجل توسيع نطاق استجابتها الإنسانية لتشمل مناطق أكثر تضرراً في غرب السودان وشرقه، مع التركيز على دعم الزراعة المستدامة وسبل العيش للمزارعين الذين فقدوا أراضيهم.
قال النبي ﷺ: « ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه » (رواه الطبراني)
وهذا الحديث يذكرنا بأن الإيمان لا يكتمل دون العطاء، وأن دعم إخواننا في السودان واجب شرعي وإنساني.
كيف يمكن لكل فرد المساهمة في مواجهة المجاعة؟
المساهمة في مواجهة المجاعة ليسل حصرًا على المؤسسات الكبيرة، فدور هذه المؤسسات لا يكتملُ دون دعم الأفراد، وليس صحيحًا أن الدعم يلزمه مبالغ ضخمة أو قدرات استثنائية، فالحقيقة أن كل تبرع، مهما كان بسيطًا، يصنع فرقًا عظيمًا. فتبرعك قد يوفّر وجبة لطفل جائع، أو دواءً لمريضٍ مزمن، أو مأوى لعائلة فقدت كل شيء.
يمكنك اليوم عبر هيومان أبيل التبرع مباشرةً إلى مشاريع السودان، سواء عبر دعم الطرود الغذائية، أو رعاية الأطفال المتضررين، أو توفير الرعاية الصحية للنازحين. كما يمكنك المساهمة في بناء مشاريع تنموية تضمن استدامة المساعدة مثل آبار المياه ومراكز التغذية المجتمعية.
فالأزمة في السودان ليست فقط أزمة غذاء، بل أزمة أمل، وكل يد تمتد بالعطاء تعيد الحياة إلى أسرة فقدت قوتها وأمانها وقدرتها على دعم ذاتها.
من واجب الإنسانية أن نتحرك الآن
رغم قسوة المشهد، وصعوبة الأزمة المتفاقمة وتشعّبِ عواقبها، لا ينبغي أن يظل جوع الملايين في السودان خبرًا عابرًا يمرُّ علينا مرور الكرام ونستمرُّ في حياتنا بلا أي تدخّل.
يجب أن نتحرك جميعًا الآن، لأن كل يوم تأخير يعني المزيد من الأرواح المهددة، والأطفال الجائعة والأمهات الثكالى.
قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ (سورة المائدة: 32).
والعطاء ليس فقط صدقة لها أجرها وأثرها، بل رسالة تضامن تعيد للإنسان كرامته وللأمة تماسكها. ومع كل حملة إغاثية، وكل صندوق غذاء، وكل بئر يُحفر، نخطو خطوة نحو سودان قوي قادر على مواجهة أزمته والتعافي من جراح الحرب والمجاعة.
ولا ننسى وصية النبي ﷺ: « من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر ، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مؤمنا ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه »
الأسئلة الشائعة
ما أبرز أسباب المجاعة في السودان؟
تتمثل في النزاع الدائر منذ عام 2023، والتي أدّت إلى انهيار الاقتصاد، وتعطل الزراعة، وغلاء الأسعار، وانعدام الخدمات، والنزوح الجماعي الذي أوقف الإنتاج المحلي.
كيف تصل المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة؟
تعمل المنظمات الإنسانية مثل هيومان أبيل بالتنسيق مع الشركاء المحليين والإقليميين، وتنقل المساعدات عبر ممرات آمنة من الدول المجاورة مثل مصر وتشاد، لتصل إلى الأسر المتضررة في المخيمات والمناطق النائية.
هل يمكن التبرع مباشرة للسودان عبر هيومان أبيل؟
نعم، يمكن التبرع بسهولة عبر موقع هيومان أبيل الرسمي أو من خلال شركائها المعتمدين. وكل تبرع يتم توجيهه مباشرة لدعم الأسر السودانية الأشد احتياجًا في مجالات الغذاء والماء والصحة والإيواء.