22.10.2024
يستضيف لبنان، البلد الصغير في المساحة والكبير في التحديات، أكثر من مليون لاجئ سوري وغيرهم من اللاجئين والنازحين.
هذا العدد الكبير من اللاجئين يضغط على البنية التحتية والخدمات الأساسية في لبنان، مما أدى إلى أزمات إنسانية واجتماعية واقتصادية معقدة. في ظل هذه الظروف، يبرز السؤال حول كيفية التعامل مع أزمة اللاجئين في لبنان وتقديم الدعم اللازم لهم لا سيما في الظروف الصعبة الأخيرة التي تعصف بالبلد.
يعاني لبنان من أزمات اقتصادية حادة منذ سنوات، مع ارتفاع معدلات البطالة، وانهيار العملة المحلية، وتضخم الأسعار. تطال هذه الأزمات المواطنين اللبنانيين تماماً كما تطال اللاجئين من جنسيات أخرى.
يشكّل اللاجئون السوريون في لبنان أكثر من ربع السكان، مما يزيد من الضغط على الخدمات الصحية والتعليمية المحدودة أصلاً. ويتفاقم الوضع في المناطق الريفية حيث تتركز نسبة كبيرة من اللاجئين. ومع محدودية الموارد الحكومية، فغالباً ما تتولى المنظمات الدولية والإغاثية مهمة تقديم الدعم اللازم لهؤلاء اللاجئين.
لم تؤثر الحرب والقصف الإسرائيلي الأخير في لبنان على السكان اللبنانيين وحسب، بل تركت أيضًا تداعيات كبيرة على اللاجئين السوريين المقيمين في البلاد إذ باتوا يعانون من تفاقم أوضاعهم الإنسانية نتيجة القصف.
كثير من اللاجئين السوريين يعيشون في مناطق متاخمة للحدود الجنوبية أو في مخيمات مكتظة باللاجئين، مما جعلهم عرضة للخطر مع تصاعد القصف. وقد شهدت المناطق التي تعرضت للقصف نزوحًا إضافيًا، حيث اضطر اللاجئون السوريون إلى الانتقال مجددًا بحثًا عن الأمان، مما يزيد من تفاقم أزماتهم.
علاوة على ذلك، زادت هذه التطورات الضغط على الموارد الإنسانية المحدودة في لبنان. المساعدات الغذائية والرعاية الصحية التي كانت تقدم للاجئين السوريين باتت موزعة بين السكان اللبنانيين النازحين أيضًا، مما أدى إلى نقص في الدعم وتزايد المنافسة على الخدمات.
كما أن الظروف الاقتصادية الصعبة في لبنان، والتي تفاقمت بفعل القصف، جعلت من الصعب على اللاجئين إيجاد فرص عمل، وبالتالي زادت معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية.
أثرت الحرب الأخيرة أيضًا على مشاعر الخوف والقلق لدى اللاجئين السوريين، الذين يعانون أصلًا من آثار الحرب في بلدهم الأم. هذه الأحداث زادت من انعدام الاستقرار والشعور بعدم الأمان لدى اللاجئين، مما دفع بعضهم للتفكير في البحث عن حلول خارج لبنان أو محاولة العودة إلى سوريا رغم المخاطر المستمرة هناك.
يعيش كثير من اللاجئين في لبنان في ظروف سكنية سيئة، خاصة في المخيمات العشوائية التي تفتقر إلى البنية التحتية المناسبة. يعدّ تحسين وضع المأوى من أولويات المنظمات الإنسانية، حيث يحتاج النازحون إلى سكن لائق يحميهم من الظروف الجوية القاسية ويوفر لهم بيئة آمنة.
يعتبر الوصول إلى الغذاء الكافي والمياه النظيفة من أكبر التحديات التي يواجهها اللاجئون في لبنان. غالبًا ما تعتمد العائلات اللاجئة على المساعدات الغذائية التي تقدمها المنظمات الدولية. ومع ذلك، فإن هذه المساعدات غير كافية دائمًا لتلبية الاحتياجات المتزايدة، مما يدفع بعض العائلات إلى التكيف مع أوضاع اقتصادية صعبة.
التعليم هو حق أساسي، ولكنه يبقى غير متاح بشكل كامل لكثير من الأطفال اللاجئين. تفتقر المدارس إلى القدرة الاستيعابية اللازمة لتوفير التعليم للجميع، وهذا ما يدفع العديد من الأطفال النازحين إلى ترك المدرسة والانخراط في سوق العمل أو البقاء بدون تعليم. كما تشكّل الرعاية الصحية تحديًا آخر، حيث يصعب على العديد من اللاجئين الحصول على الخدمات الصحية اللازمة بسبب ارتفاع التكلفة أو نقص الموارد.
- تعزيز الدعم الدولي والإقليمي
يحتاج لبنان إلى دعم دولي أكبر للتعامل مع أزمة اللاجئين. يتعين على المجتمع الدولي تحمل جزء من العبء المالي عبر تقديم مساعدات أكبر للبنية التحتية والخدمات الاجتماعية. كما يجب أن تلعب الدول الإقليمية دورًا في مساعدة لبنان من خلال توفير تمويل إضافي أو فتح مجالات تعاون اقتصادي.
- التركيز على التعليم والصحة
يجب أن يكون هناك اهتمام أكبر بتوفير التعليم لجميع الأطفال اللاجئين، لأن التعليم هو السبيل الوحيد لبناء مستقبل أفضل لهم. توفير فرص تعليمية عالية الجودة وشاملة يمكن أن يفتح لهم أبواب الأمل. كما يجب تعزيز النظام الصحي ليتمكن من استيعاب الاحتياجات الطبية الكبيرة للنازحين.
لا تعدّ تلبية احتياجات اللاجئين في لبنان مسؤولية إنسانية وحسب، بل هي ضرورة لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد. تساهم المساعدات التي تقدم للنازحين في تخفيف حدة التوترات وتساعد على خلق بيئة تعاونية بين مختلف الأطراف. لكن لا بدّ من الحلول المستدامة التي تشمل التعليم والعمل والرعاية الصحية وتعتبر استثمارًا في مستقبل أفضل للبنان والمنطقة ككل.
التحديات التي تواجه اللاجئين في لبنان كبيرة، لكن الحلول ممكنة من خلال العمل المشترك بين المجتمع الدولي والمحلي. إن تقديم الدعم المناسب للاجئين ليس فقط مسؤولية أخلاقية بل هو خطوة ضرورية نحو استقرار لبنان ومساعدة النازحين على بناء حياة كريمة.