16.07.2025
ما الذي تبحث عنه؟
أدخِل كلمات للبحث
جاري البحث
لا توجد نتائج متطابقة
حاول البحث مرة أخرى
عذرًا!
حدث خطأ ما
حين نسمع كلمة «مدرسة»، يخطر ببالنا فورًا الكتاب والقلم والدرس والواجب، لكننا نغفل أحيانًا عن جانبٍ جوهري: الاحتياجات النفسية والاجتماعية للطفل. فالتعليم ليس تلقينًا للمعلومات فحسب، بل بناء إنسانٍ سويّ سليم النفس، قوي الشخصية، وقادرٌ على مواجهةِ الحياةِ بثقةٍ وأمل.
لقد عرفَ الإسلام أهمية تربية القلب قبل العقل؛ ففي الحديث الشريف: «كلكم راعٍٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته» . والمعلم هنا راعٍ لقلوبٍ غضة، تحرّكها كلمة طيبة، وتشجيعًا دافئًا، وبيئةً آمنة.
الدعم النفسي للأطفال في المدارس ليس رفاهية، بل ضرورة وحق تمكّن الطفل من الفهم والإبداع وتقبّل الآخر. ومن دون هذا الدعم، يصبح التعليمُ عبئًا ثقيلًا، وتتحول المدرسة من مكانٍ للأمل إلى مصدرٍ للضغطِ والقلق.
احتياجات خاصة: الأيتام والنازحون
من بين ملايين الأطفال حول العالم، هناك من يحملُ همًا أكبر: الأيتام الذين فقدوا سندهم في الحياة، والنازحون الذين اقتُلِعوا من بيوتهم وبيئتهم ومدارسهم. فهؤلاء الأطفال ليسوا بحاجة للكتاب والقلم فقط، بل هم في أمسّ الحاجة إلى رعايةٍ نفسية مضاعفة، تعيدُ إليهم الإحساس بالأمان والانتماء.
تصوّر طفلًا يعيش في مخيم نزوح، أو في دار إيواء للأيتام؛ كل صوتٍ عالٍ قد يذكّره بخسارةٍ أو فاجعة. لذلك فإن الصحة النفسية في المدارس التي تخدم هذه الفئات يجب أن تكون على رأس الأولويات، ويجب تدريب المعلّمين على أساليب الدعم النفسي والاجتماعي وكيفية التعاملِ مع الصدمات.
التعليم في حالات الطوارئ
في مناطق الأزمات والحروب، يصبح التعليم في حالات الطوارئ شريان حياة، لكنه لا يكتمل إلا بتوفيرِ مساحةٍ آمنة نفسيًا. فالطفل يحتاجُ إلى من يسمعه، ويحتوي مشاعره، ويوجهه بحب. فالمعلم هنا ليس ناقلًا للمعلومة فحسب، بل سندًا أبويًا ويدًا حانية.
إن إنشاء زوايا دعم نفسي في المدارس، أو جلسات إرشاد جماعي، وحتى النشاطات الترفيهية والفنية، كلها وسائل فعّالة لرعاية احتياجات الطفل النفسية. فهي تخفف من التوتر والقلق المصاحب للأوضاع الاستثنائية، وتمنحُ الأطفال فرصةً للتعبير عن مشاعرهم.
معًا لنمنحهم الأمانَ قبل الدرس
حين نخطط لأي مشروع تعليمي، فلنضع هذه القاعدة الذهبية: «الطفل قبل المنهج». لنمنحه بيئةً صحية نفسيًا واجتماعيًا، ليكبر بسلام ويغدو إنسانًا إيجابيًا يزرعُ الخير أينما حلّ.
إن دعم الطفل نفسيًا يعني أننا نبني مجتمعاتٍ أقوى، ومستقبلًا أكثر استقرارًا، ونجعل من المدرسة وطنًا صغيرًا للأمان والحب.
فكما قال الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى ﴾.
والأيتام والنازحون أولى الناس بأن نسعى إلى إسعاد قلوبهم، جنبًا إلى جنب مع تعليم عقولهم.