12.07.2025
ما الذي تبحث عنه؟
أدخِل كلمات للبحث
جاري البحث
لا توجد نتائج متطابقة
حاول البحث مرة أخرى
عذرًا!
حدث خطأ ما
مع شروق شمس الإجازة الصيفية، وتحوّل الأجواء من البرودة إلى الدفء، تتجدد أحلام الشباب: سفر، راحة، لقاء الأصدقاء، والكثير من المرح والذكريات التي تُصنعُ على مهلٍ، والأوقات الحلوة، لكن وسط هذا كله قد ينسى الكثيرون أن في الصيف كنزًا آخر ينتظرهم: كنز العطاء!
إن التطوع في العطلة الصيفية ليس وسيلةً لملء الفراغ فحسب، بل هو نافذة مفتوحة على خيرٍ كثير، وبركةٍ يسنمرُّ أثرها طوال العام، وينعكس دفؤها على النفس قبل الآخرين. فبينما تزداد تحديات الصحة النفسية للشباب في هذا العصر المتسارع الذي لا يعرفُ التوقّف، يصبح التطوع ترياقًا فعّالًا يخفف القلق ويزرع الطمأنينة، ويعطي فرصة للتأمّل في عظمة رزق الله، وبركة الصحة، ويمنح الشاب شعورًا حقيقيًا بقيمته وأثره.
وهنا نستكشف معًا كيف يمكن أن نحول الإجازة إلى رحلةٍ من العطاء والبذل ومد يد العون للآخرين. بعيدًا عن الأنانية والتمحور على ملذات النفس. ونصنع من كل لحظة صيفية خطوة نحو نفسٍ أكثرَ تواصلًا مع معاناة الآخرين.
لماذا يحتاج الشباب للتطوع في العطلة الصيفية؟
لا يخفى على أحد أن وقت الفراغ الطويل قد يتحوّل إلى عبءٍ ثقيل إذا لم يُستثمر في عملٍ نافع. وربما أيضًا يدفع نحو المعاصي والشهوات. قال النبي ﷺ: « اِغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ »
لذا يُعَد التطوع وسيلة ذهبية يوجّه فيها الشباب طاقتهم وصحتهم وحماسهم، وأوقات فراغهم نحو ميادين الخير، يكتسبون خبرات جديدة، ويوسّعون دائرة معارفهم، ويشعرون بقيمة عملهم ووقتهم وعطائهم.
أثر التطوع على الصحة النفسية
أثر التطوع يفوق فكرة جهدٍ بدني مبذول أو وقتٍ يُقتطع من الراحة، فالحقيقة أن فوائده النفسية على المتطوّع لا حصر لها. تشير العديد من الدراسات إلى أن العمل التطوعي يخفّضُ من مستويات التوتر والقلق، وتعزّز مشاعر الرضا عن الذات والانتماءِ للمجتمع.
في التطوّع يجدُ الشابُّ نفسه محاطًا بروح الفريق، ويتعلّم كيف يكون ترسًا وعنصرًا فعّالًا يتركُ أثرًا إيجابيًا مهما كان بسيطًا. وهذه الأجواء من التعاون والتراحم والاتحاد على هدفٍ واحد وهو إعانةُ المحتاجين، وفك كرب المكروبين، تُلهى النفس عن صنوفِ الكدَر وكثرة التفكير، وتعوّدها تأمّل نعم الله علينا، وتُكسبُ النفس توازنًا وصحة نفسية طالما افتقدها كثيرون.
مجالات تطوعية مناسبة لفصل الصيف
الصيف يفتح آفاقًا واسعة لمجالات التطوع. إذ يمكن للشباب التطوع أينما كانوا وبما يناسبُ أوقاتهم ونشاطاتهم، مثل. المشاركة في حملات تنظيف الشواطئ أو المنتزهات، أو تنظيم أنشطة ترفيهية للأيتام، أو المساهمة في مبادرات توزيع الطعام على المحتاجين، أو المشاركة مع المؤسسات في حملات جمع التبرعات أو توزيعها. بل يمكن تحويل المهارات الشخصية إلى عملٍ ينفعُ الناس؛ مثل التطوع لتعليم الأطفال أو تنظيم ورش توعوية.
بهذا يصبح الصيف مساحةً لتهذيب النفس على القيم وتنمية مهارات الشباب بعيدًا عن ضغوط الدراسة والروتين المعتاد.
كيف تبدأ رحلة التطوع؟
لكل شابٍّ يرغبُ في الاستفادة من عطلته الصيفية في صنوفِ الخير، ابدأ بخطوات بسيطة:
تذكّر قوله تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ﴾. فكلُّ لحظةٍ تقضيها في عون الآخرين هي رصيدُ بركةٍ ورضا وراحة بال. فالتطوع ليس نشاطًا جانبيًا؛ بل هو نمط حياة يُربي النفس على العطاء ويعلّمنا كيف نرى احتياجات الآخرين بقلوبٍ واعية، وعقولٍ يقظة ومتأمّلة ومستعدة للتغيير. فاجعل من عطلتك الصيفية فرصة لإحياءِ نفسك من الداخل، وزرعِ الأثر الجميل في محيطك.
ولتكن الإجازة القادمة بداية جديدة لشبابٍ أقوى نفسًا وروحًا، وأكثر إيمانًا بأن الخير طاقة متجددة.