فضل بناء المساجد في الإسلام

لا شكّ أنّ للمساجد مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، فهي بيوت الله التي تُرفع فيها راية التوحيد، وتُتلى فيها آيات القرآن الكريم، وتُقام فيها الصلوات. ولقد حثَّ رسول الله ﷺ على بناء المساجد ورعايتها، حيث قال: «من بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة» (رواه البخاري ومسلم). وفي هذا الحديث دعوةٌ صريحةٌ لتشجيع المؤمنين على المساهمة أو التبرع لبناء مسجد، سواء في بلدانهم أو خارجها.

دور المسجد في حياة المسلمين

المسجد ليس مكانًا لأداء الصلوات الخمس فحسب، بل هو منارةٌ ثقافية ومركز اجتماعي يجمع الناس على المحبة والإخاء. ويتعلّم فيه الأطفال مبادئ دينهم، وتُعقد فيه المجالس العلمية لتدارس القرآن والسنّة. كما يُقام فيه التوجيه الديني والاجتماعي، وتُجمَع فيه التبرّعات لأوجه الخير المختلفة، كاليتامى والمحتاجين وكل من هو في كربٍ أو عوَز. لهذا فإنّ المساهمة في بناء مسجد أو صدقة بناء مسجد لا تقتصر ثمرتها على الأجر الأخروي، بل تمتد آثارها الإيجابية على مستوى المجتمع بأكمله.

كيفية بناء مسجد

عندما يرغب المسلمون في بناء مسجد، فإنّ أول خطوة هي اختيار الأرض المناسبة وشراءها أو وقفها في سبيل الله. بعد ذلك، يأتي دور التصميم الذي يراعي احتياجات المصلّين من حيث السعة والخدمات المرافقة، مثل دورات المياه وأماكن الوضوء ومرافق ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد تختلف تكلفة بناء مسجد من منطقة لأخرى، تبعًا لأسعار الأراضي ومواد البناء، إضافةً إلى مستوى التشطيبات والتجهيزات. ويمكن تأمين هذه التكلفة من خلال التبرع في بناء مسجد أو إطلاق حملات دعمٍ وتشجيع الناس على المساهمة الماليّة والعينيّة.

تكلفة بناء مسجد صغير

قد يرغب البعض في تأسيس مسجد صغير في حيّ أو قرية نائية، وهنا تتفاوت التكلفة بحسب البيئة والمتطلّبات المعمارية. في بعض المناطق، تكلفة بناء مسجد صغير قد تتراوح بين بضعة آلاف إلى عشرات الآلاف من الدولارات، مع مراعاة اختلاف أسعار العمالة والمواد. ومن المزايا المهمة لبناء مسجد صغير أنّه يخدم مباشرةً المجتمع المحلّي، ويساهم في توفير مكانٍ مناسبٍ للمصلّين، خصوصًا في الأحياء التي تفتقر إلى أماكن العبادة.

وقف بناء مسجد: كيف يمكنك وقف أرض أو مبلغ لبناء مسجد؟

الوقف في الإسلام هو تخصيص مالٍ أو عقارٍ أو أرضٍ يُحبس أصلها ويُستثمر ريعها في أوجه الخير المستمرّة، ومنها الوقف الخيري لبناء مسجد. فيحقّ لمن يرغب في الأجر المستمر أن يوقف أرضًا تصلح لإقامة مسجد، أو يُخصّص مبلغًا ماليًا يُستثمر للإنفاق على تشييد المسجد وصيانته. وهكذا يصبح للإنسان أجرٌ في كلِّ صلاةٍ تُقام في المسجد وكلّ نشاطٍ دينيٍّ أو خيريٍّ فيه.

بناء مسجد في الدول الفقيرة: أهمية ودور المساجد في المجتمعات المحتاجة

في الدول الفقيرة والمناطق النائية، يُمثّل بناء المسجد فرصةً عظيمةً لتعزيز الهوية الدينية والاجتماعية في تلك المجتمعات، حيث يوفّر لهم مكانًا للتعلّم والتلاقي والمشاركة في الشؤون الدينية. إذ يساهم مشروع بناء مسجد في الدول الفقيرة في نشر العلم وتحسين مستوى الوعي الديني، كما يفتحُ بابًا للأعمال الخيرية المختلفة، مثل المراكز التعليمية ومشاريع الإغاثة. وتعدُّ المساهمة في بناء مسجد مثالًا على الصدقة الجارية التي لا ينقطع نفعها، بل يستمر ويتعاظم كلّما أمّ الناسُ المسجد وأقاموا فيه شعائرهم.

وختامًا، فإنّ المساهمة في بناء مسجد هي من أعظم سُبُل الخير؛ فهي تضمن لصاحبها الأجر المستمرّ، وتؤثّر إيجابيًا في حياة المسلمين ومستقبل أبنائهم. فليكن في نيّتنا دائمًا أن نجعل من مساجدنا مناراتٍ للعلم والتقوى، تنير دروبنا وتعمّق فينا شعور الأخوّة والتكافل، وترفع راية الإسلام عاليًا في كلّ مكان.

نشره : هيومان أبيل

UK