29.11.2024
ما المشروع الذي تبحث عنه؟
أدخِل اسم المشروع
جاري البحث
لا توجد نتائج متطابقة
لا توجد نتائج متطابقة
عذرًا!
حدث خطأ ما
قد تسمع كثيرًا عبارة «الدعاء بظهر الغيب»، لكن هل توقفت يومًا لتأمّل معناها الحقيقي؟ الدعاء بظهر الغيب يعني أن تدعو لأخيك المسلم في غيابه، وبغيرِ علمه، ودون أن تنتظر منه شيئًا مقابل ذلك. وأن تحمل قلبك على جناح المحبة فتتمنى الخير لغيرك كما تتمناهُ لنفسك، وترجو من الله أن يُعطيهم مما يُعطيك ويزيد عليهم من فضله، رزقًا ورحمةً ولُطفًا وحفظًا من عنده. دعوة صادقة، لا يشوبها رياءٌ ولا مجاملة، يراها الله وحده، المطّلعُ المُجيب، ويُباركها بفيضٍ من الأجر والقبول. فحين تدعو لأخيك، وترفع أكفّ الدعاء لله قائلًا: «اللهم ارزقه، اللهم اشفه، اللهم اغفر له، وأفتح له خزائنَ رحمتك»، فتفاجأ أن أبواب الخير تُفتح لك أنت قبل غيرك، رزقًا وصحةً ورحمةً بمثلِ ما دعوت وأكثر.
فضل الدعاء بظهر الغيب في القرآن والسنة
لقد دلّ القرآن الكريم والسنة النبوية على عِظَم أجر الدعاء بظهر الغيب. قال الله تعالى في سورة الحشر:
وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ
فهذا دعاء لجيلٍ سابق لم يرهم الداعون، لكنه نبع من قلبٍ مؤمن بالمحبة والأخوة في الله.
كما أخبر النبي ﷺ في الحديث الصحيح: «دعوةُ المسلمِ لأخيهِ بظهرِ الغيبِ مُستجابةٌ، عندَ رأسِه مَلَكٌ مُوكَّلٌ، كلما دعا لأخيهِ بخيرٍ قال المَلَكُ الموكَّلُ بهِ: آمين ولكَ بمثلٍ».
تأمل هذا الفضل العظيم: ليس فقط يُستجاب دعاؤك لأخيك، بل ينالك أيضًا مثلما دعوت! وكأن الله يربّي في قلبك نُبل الإيثار ويزيدك خيرًا فوق خيرك.
كيف يعود الدعاء للغير بالخير على الداعي نفسه؟
قد تسأل نفسك: «ما الذي أجنيه حين أدعو لغيري؟» والإجابةُ تحمل سرًا من أسرار الرحمة الإلهية ورَوْح الله: حين تدعو لغيرك في ظهر الغيب، يتولى اللهُ حاجتك، ويرزقك من حيثُ لا تحتسب.
وتُفتح لك أبوابًا دون أن تطرقها، ورزقًا قد لا تكتبه أنت في دعائك لنفسك، لكن الله يهيّئه لك لأنك دعوت بصدقٍ للآخرين. قال بعض الصالحين: «والله ما دعوت لأحدٍ في ظهر الغيب إلا ردّ الله عليَّ مثل دعائي وزادني من فضله».
كيف أدعو للناس؟
ابدأ بالأقربين منك: والديك، وإخوتك، وأصدقائك، ومن تحب وحتى من بينك وبينه خصومة. قل في سجودك: «اللهم فرّج همّه، اللهم ارزقه خير الدنيا والآخرة» . لا تنتظر المقابل، وتذكّر أن «دعوة المسلم لأخيه» هي كنزٌ خفي يُخبَّأ لك يوم تلقى ربك.
دعوة من القلب: ازرع الخير في ظهر الغيب
عندما يثقل قلبك الهموم، جَرّب أن تفتح لغيرك باب الفرج بالدعاء. ستغمرك البركات التي تنهالُ عليك. في النهاية، الدعاء بظهر الغيب ليس كلماتٍ تتردد؛ بل هو مدرسة في نُبل القلب، وصفاء النية، ونشر المحبة بين الناس.
اللهم ارزقنا قلوبًا عامرةً بحب الخير للناس، وأعنّا على الدعاء لهم بظهر الغيب، وافتَح لنا من الأبواب ما لم نطلبه، إنك أنت الوهاب الكريم.