09.02.2024
المحتويات:
- فضائل يوم الجمعة
- الدعاء يوم الجمعة وساعة الاستجابة
ليوم الجمعة فضلُ كثيرٌ ونفيسٌ عند الله؛ فقد اختصه على بقية أيام الأسبوع وميّزه بعبادات وخصائص لربما لا يضاهيها أيُّ يومٍ آخر من أيام السنة سوى أيام رمضان والعشر المباركة من ذي الحجة.
وإن يوم الجمعة له مكانة عظمى في الإسلام، وهبة كبيرة من الله -عز وجل-، يقول ﷺ: "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق". أخرجه مسلم
ولقد جاءت سورة في القرآن الكريم باسم (الجمعة) وأمرنا الله عز وجل بالمسارَعة فيه إلى الهدى والخير، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة:9].
وفي كل جمعة من رمضان المبارَك، نستذكر وإياكم فضائل هذا اليوم الذي هو عيدٌ للمسلمين، كما وردت عن رسولنا محمد ﷺ، ونشارككم بعض الأدعية لهذا اليوم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : (خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا). رواه مسلم
• خيرُ صلاةٍ يصليها المسلم
عن ابن عمر قال: قال الرسول ﷺ: (أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة). صححه الألباني
• تكفّر فيه السيئات وتُرفع فيه الدرجات
قال رسول الله ﷺ: "الجمعة إلى الجمعة كفارةٌ لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر، وتكفيرٌ للسيئات وكسبٌ للحسنات، ورفعٌ للدرجات بكل خطوةٍ يخطوها العبد إلى صلاة الجمعة".
• فيه ساعةٌ يُستجاب فيها الدعاء
عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ ذكر يوم الجمعة، فقال: «فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا، إلا أعطاه إياه». وأشار بيده يقللها. متفق عليه.
• يومُ الجمعة في الجنّة
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله قال: "سارِعوا إلى الجمعة؛ فإن الله يبرُز لأهل الجنة في كل جمعة في كثيب من كافور فيكونون في قرب منه على قدر تسارُعِهم إلى الجمعة في الدنيا".
• يومُ جَمالٍ وزينة للمسلم
حثّ نبيّنا الكريم على الاغتسال والتزيّن والتجمّل بالثياب والتعطّر بالروائح الجميلة في هذا اليوم العظيم. عن سلمان قال: قال رسول الله ﷺ : «لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى». رواه البخاري.
• قراءة سورة الكهف في ليلة الجُمعة أو في نهاره، ومن قرأها أنار الله له ما بين الجمعتين.
فقد ورد عن النبي ﷺ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ إِلَى عَنَانِ السِّمَاءِ يُضِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَغُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».
• قراءة سورتي السجدة والإنسان في صلاة فجر الجُمعة، فقد ورَد أنّ رسول الله كان يقرأهما.
وقد جاء في زاد المعاد لابن القيم "أن النبي - ﷺ - كان يقرأ هاتين السورتين في فجر الجمعة لأنهما تضمَّنتا ما كان ويكون في يومها، فإنهما اشتملتا على خلق آدم وعلى ذكر المعاد وحشر الخليقة، وذلك يكون يوم الجمعة، فكان في قراءتهما في هذا اليوم تذكير للأمة بما كان فيه ويكون".
• الاغتسال والتبكير إلى صلاة الجمعة
فقد جاء في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ».
وعنه أيضاً عن رسول الله ﷺ قال: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ المَلاَئِكَةُ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» (صحيح البخاري).
• الإكثار من الصلاة على النبي محمد ﷺ
قال رسول الله - ﷺ -: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي». رواه أبو داود بإسناد صحيح. وفي حديث آخر: ورد أن رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلاَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا، أوَ شَافِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وردت أحاديث كثيرة بأن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه. ولكن اختلف العلماء في تعيين تلك الساعة بسبب اختلاف الروايات الواردة في تعيينها.
فبعضها يقول إنّ تلك الساعة هي ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن يقضي الصلاة، كما في صحيح مسلم وغيره. وفي بعضها أنها بعد العصر بدون تقييد، وفي بعضها أنها آخر ساعة منه قبل الغروب، كما ورد في أحاديث عديدة.
وكثيرٌ من أهل من أهل العلم مَن يرى أن ساعة الاستجابة قد أخفيت في يوم الجمعة كما أخفيت ليلة القدر في رمضان، ولعل الحكمة من ذلك أن يكون العبد مثابراً على الدعاء في اليوم كله فيعظم بذلك الأجر.
فتحرّوا ساعة الاستجابة، وادعوا بصحيح الدعاء الوارد عن رسول الله، وغيره من الأدعية التي فيها نفعٌ لكم ولأمة الإسلام، ولا تنسوا إخواننا المستضعفين في العالم من دعائكم بالفرَج العاجل.
وتذكروا أنّ يوم الجمعة هوَ يومٌ للتنافس على صالح الأعمال، واغتنام ساعات نهاره بالذكر والدعاء والصلاة على رسول - ﷺ -، وأنّ يومَ الجمعة خيرةُ اللهِ من أيَّام الأسبوع، وشهرُ رمضانَ هو خِيرةُ الله من شهور السنة، وها هما البِشارتان تهلَّان على المسلمين في آنٍ واحد، فابتغوا بركاتهما وفضائلهما.
نسأل الله أن يجعَل لنا في هذا اليوم دعوةً لا تُرَد، وأن يفتح لنا باباً في الجنّةِ لا يُسَد، وأن يحشرنا في زمرةِ سيدنا محمد ﷺ .