لا يشكُّ أيُّ مسلمٍ منا في حرمة الربا التي نزلت بها آيات القرآن الكريم، فقال الله تعالى في سورة البقرة:
{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال هم سواء، فالله حذر من الربا، وأخبر أن أهله في النار وتوعدهم بالنار، والرسول ﷺ كذلك لعنهم على خبث عملهم.
يظنُّ كثيرٌ من الناس أنّ الربا هو بأنْ يذهب شخص لآخر يطلب منه قرضاً على أن يرده إليه بالزيادة، لكن هذه هي إحدى صور الربا فقط، وفي واقعنا المعاصر هناك صورٌ مختلفة منها:
ما حكم أخذ مال الربا؟
الربا من أقبح السيئات، ومن أقبح الكبائر وحُكمه واضح، فليس في تحريمه شك، وهو أمر تدل عليه آيات من القرآن الكريم ودلت عليه السنة وإجماع أهل العلم.
والربا أيضاً من السبع الموبقات ومما يوجب اللعن ويمحق البركة، وهو محرم على المقرض والمقترض، ففي صحيح مسلم ععن جابر -رضي الله عنه- قال: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ".
هل يجوز دفع الأموال الربوية للأقارب؟
يجيز العلماء ذلك بشرطين اثنين:
أولاً: أن يكون الأقارب من الفقراء المحتاجين الذين لا يكفيهم ما يدخل إليهم من راتب، أو معاش شهري للقيام بحاجاتهم الضرورية. فلا حرج في التخلص من تلك الفوائد الربوية بدفعها إلى القريب الفقير، أو المدين العاجز عن السداد.
ثانياً: أن لا يكون المُعطي هو العائل لإخوانه، أو المسؤول الشرعي بالنفقة عليهم، حيث إنه لو كان العائل لهم فكأنما رجع المال إليه.
وغير ذلك من المشاريع المفيدة النافعة لعموم المسلمين .
وهذا ما خلص إليه مجمع الفقه الإسلامي في دورته التاسعة عشر، حيث جاء في قراراته بشأن وقف الأسهم:
"يمكن لمن حاز أموالاً مشبوهة أو محرَّمة لا يعرف أصحابها أن يبرئ ذمَّته ويتخلَّص من خبثها بوقفها على أوجه البرِّ العامة في غير ما يُقصد به التعبُّد، من نحو بناء المساجد أو طباعة المصاحف، مع مراعاة حرمة تملك أسهم البنوك التقليدية (الربوية) وشركات التأمين التقليدية.. يجوز لمن حاز أموالاً لها عائد محرم أن يقف رأس ماله منها والعائد يكون أرصاداً له حكم الأوقاف الخيرية؛ لأنّ مصرف هذه العوائد والأموال إلى الفقراء والمساكين ووجوه البرّ العامة عند عدم التمكن من ردّها لأصحابها".