ما الذي تبحث عنه؟

أدخِل كلمات للبحث

الأمن الغذائي في مناطق النزاع: أزمة إنسانية تهدد الملايين

بين أزيز الطائرات وأنين المصابين، يعيش ملايين الناس في يومنا هذا مأساة أخرى صامتة قد لا تأخذُ المساحة الكافية في عناوين الصحف ونشرات الأخبار: الجوع. فحين تتوقف الزراعة، وتُدمّر الأسواق، وتنقطع سلاسل الإمداد، لا يبقى للإنسان سوى انتظار لقمة قد لا تأتي. إنّ الأمن الغذائي في مناطق النزاع ليس قضية اقتصادية فحسب، بل هو معركة إنسانية تمس الحق في الحياة ذاته.

ما هو الأمن الغذائي ولماذا هو حق أساسي لكل إنسان؟

يُعرَّف الأمن الغذائي بأنه الوضع الذي يتمتع فيه جميع الأفراد، في كل الأوقات، بإمكانية الحصول على غذاء كافٍ وآمن ومغذٍّ لتلبية احتياجاتهم الغذائية وتفضيلاتهم الغذائية لحياة صحية وفعالة.

وقد أكّد القرآن الكريم على قدسية الحق في الطعام، واعتباره نعمة عظيمة مقترنة بشعور الأمان حين قال الله تعالى:

﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾(سورة قريش: 3-4)

فالطعام والأمن هما الركيزتان اللتان لا تستقيمُ الحياة بدونهما. والأمن الغذائي لا يعني فقط وجود الغذاء، بل ضمان الوصول إليه في الوقت والمكان المناسبين، وبشكلٍ مستدامٍ بما يحافظ على حياة الإنسان ويصون كرامته وإنسانيته.

ويُعدّ الحق في الغذاء من الحقوق الأساسية في ميثاق الأمم المتحدة، وقد أكدت منظمة الأغذية والزراعة (FAO) أنّ أكثر من 735 مليون شخص حول العالم عانوا من الجوع في عام 2023، وأنّ النزاعات المسلحة هي السبب الأول لحرمان الناس من هذا الحق.

العواقب الإنسانية لانعدام الأمن الغذائي

كيف تؤثر الحروب والنزاعات على الأمن الغذائي؟

تُحدث النزاعات المسلحة اضطرابًا شاملًا في المنظومات الغذائية، فتتحول المزارع إلى ساحات قتال، وتتوقف حركة الأسواق، وتُمنع المساعدات من الوصول إلى المحتاجين. وتشير تقارير برنامج الأغذية العالمي (WFP) إلى أنّ سبعة من كل عشرة بلدان تواجه مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي تقع في مناطق نزاع. ومن آثار النزاعات على المجتمعات:

1. تدمير البنية التحتية الزراعية:

القصف والحصار يدمّران الحقول والمعدات والآبار، والبيئة المناخية، مما يجعل الإنتاج الزراعي شبه مستحيل.

2. نزوح المزارعين وفقدان اليد العاملة:

حين يضطر السكان للنزوح، تُترك الأراضي دون زراعة، ويضيع جهد سنوات من التنمية الريفية.

3. انقطاع سلاسل الإمداد:

إغلاق الطرق والموانئ يمنع نقل المواد الغذائية إلى الأسواق المحلية، فترتفع الأسعار بشكلٍ جنوني مما يعمّق من أزمة الغذاء فحتى مع توفّره فإنه يظلُّ غير متاحٍ للعديد من الفئات التي لا تملكُ ثمنه.

4. انهيار الاقتصاد المحلي:

يفقد الناس مصادر دخلهم، وتنهار العملة المحلية، ما يجعل شراء الغذاء أمرًا صعبًا حتى لو كان متوفرًا.

5. تأثيرات مناخية ترافق النزاعات:

في كثير من الدول المتأثرة بالحروب مثل السودان واليمن، تتفاقم الأزمة بسبب الجفاف والفيضانات والتغير المناخي الذي يحدّ من الإنتاج الزراعي ويضاعف الأزمة.

في غزة مثلًا، تسببت الحرب والحصار في تدمير مزارع كاملة ومصانع إنتاج غذائي، مما أدّى إلى انعدام الأمن الغذائي لدى أكثر من 80% من السكان، وفق تقديرات الأمم المتحدة. وفي اليمن، يعيش أكثر من 17 مليون شخص حالة انعدام أمن غذائي، بينما يعاني نحو 2.2 مليون طفل من سوء تغذية حاد يهدد حياتهم. وهذه أرقام مُفزعة للغاية وتدل على سوء الوضع الإنساني الذي يتعرّض له العالم في هذه المرحلة.

وفر الوجبات الساخنة لليمن
نحو مستقبل آمن غذائيًا رغم الصراعات

العواقب الإنسانية لانعدام الأمن الغذائي

انعدام الأمن الغذائي لا يعني الجوع المؤقت فحسب، بل هو سلسلة من الأزمات التي تضرب الإنسان والمجتمع في آنٍ واحد:

  • صحيًا: يؤدي نقص الغذاء إلى فقر الدم وضعف المناعة، ويجعل الأطفال أكثر عرضة للأمراض. حيث تشير الإحصاءات إلى أن طفلًا واحدًا يموت كل 10 ثوانٍ في العالم بسبب الجوع أو مضاعفاته.
  • نفسيًا: الجوع يولّد الإحباط واليأس، ويضعف الروابط الأسرية والاجتماعية.
  • اقتصاديًا: ينهار الإنتاج المحلي وتتراجع القوة الشرائية، مما يكرّس حلقة مفرغة من الفقر والجوع.
  • اجتماعيًا وسياسيًا: الجوع يهدد استقرار المجتمعات، ويؤدي إلى موجات نزوح وهجرة قد تمتد لعقود.

وقد قال النبي ﷺ: « من أصبح منكم آمِنًا في سِربِه، معافًى في جسدِه، عنده قوتُ يومِه، فكأنما حيزت له الدنيا » (رواه الترمذي)

فالقوت اليومي ليس رفاهية، بل ضرورة مقترنة بالأمن والصحة، كما أنه مقياس الحياة الكريمة التي يفتقدها الملايين في مناطق الصراع.

دور هيومان أبيل في دعم الأمن الغذائي في مناطق النزاع

منذ أكثر من ثلاثة عقود، تعمل هيومان أبيل في الخطوط الأمامية للأزمات الإنسانية لضمان وصول الغذاء إلى المستضعفين في أصعب الظروف. حيث كانت فرقنا الميدانية في غزة، واليمن، والسودان، وسوريا، أول من لبّى النداء حينَ انهارت الحياة واشتدت الأزمات.

1. المساعدات الغذائية العاجلة

توزّع هيومان أبيل الطرود الغذائية التي تحتوي على مكونات أساسية كالدقيق، والزيت، والسكر، والأرز، والمعكرونة، لتغطية احتياجات الأسر لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى شهر.

ففي غزة وحدها، وزّعت المنظمة خلال عامي 2023 – 2025 أكثر من 104,000 طرد غذائي، مكّنت آلاف الأسر من الصمود وسط الحصار.

2. الوجبات الساخنة في الأزمات

خلال شهر رمضان 2024، أطلقت هيومان أبيل حملة "مليون وجبة ساخنة" في غزة، وقد تجاوزت نتائج هذه الحملة كافة التوقعات، إذ تمكّنت من تقديم أكثر من 8 مليون وجبة ساخنة ولازالت الحملة مستمرة.

3. دعم الزراعة والأمن الغذائي المستدام

لا تقتصر الجهود على الإغاثة الفورية، بل تشمل دعم المشاريع المستدامة التي تُمكّن الأسر من إنتاج غذائها، مثل مشاريع تربية الدواجن، وزراعة الخضروات، وتربية الأغنام الصغيرة، وتربية نحل العسل، وزراعة أشجار الزيتون والقهوة.

وفي شمال سوريا، ساعدت المنظمة مئات العائلات في استعادة أراضيها الزراعية عبر تزويدها بالبذور والمعدات.

4. برامج موسمية لمكافحة الجوع

من خلال مشروع الأضاحي والطرود الرمضانية، تضمن هيومان أبيل توفير اللحوم الطازجة والغذاء الكافي للأسر المستضعفة في المواسم المباركة، بما يرسّخ مبدأ التكافل الاجتماعي.

إطلع على باقاتنا لدعم غزة

نحو مستقبل آمن غذائيًا رغم الصراعات

رغم تعقيدات النزاعات، إلا أن الأمل باقٍ ما دامت هناك قلوب تنبض بالعطاء. إن تحقيق الأمن الغذائي في مناطق الصراع ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب تضافر الجهود: منظمات إنسانية، ومؤسسات تنموية، ودعم أفراد يؤمنون بأن الغذاء حق لا يجب أن يُنتزع.

قال تعالى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (سورة الإنسان: 8)

كل لقمة تُقدَّم، وكل يدٍ تمتدُّ بالمساعدة، هي رسالة أمل لشخصٍ يقف على حافة الجوع والموت.

من خلال برامجها في الأمن الغذائي، تسعى هيومان أبيل لأن يكون العطاء طريقًا نحو الاستقرار، فالغذاء لا يُبقي الإنسان على قيد الحياة فحسب، بل يزرع في قلبه الثقة بأن العالم لم ينسه، وأن الحياة يمكن أن تبدأ من جديد.

إطلع على باقاتنا لدعم السودان
الأسئلة الشائعة

الأسئلة الشائعة

ما الفرق بين الجوع المؤقت وانعدام الأمن الغذائي المزمن؟

الجوع المؤقت يحدث في فترات قصيرة بسبب أزمة أو حصار، بينما انعدام الأمن الغذائي المزمن هو حالة طويلة الأمد يُحرم فيها الأفراد من الغذاء الكافي والمتوازن باستمرار.

كيف يمكن للفرد المساهمة في دعم الأمن الغذائي في مناطق النزاع؟

يمكنك التبرع عبر المنظمات الإنسانية الموثوقة مثل هيومان أبيل، أو دعم مبادرات المجتمع المحلي التي تساهم في توفير الطعام أو تمويل الزراعة الصغيرة.

ما أبرز برامج هيومان أبيل لمكافحة الجوع؟

من أبرز البرامج: الطرود الغذائية، ومشاريع الزراعة والدواجن، والوجبات الساخنة، والأضاحي، ودعم المخابز المجتمعية في غزة واليمن وسوريا والسودان.

في النهاية، تذكّر أن الحرب لا تقتل فقط بالرصاص، بل تقتل حين ينام طفلٌ جائعٌ لا يجد قوت يومه. وأن تبرعك اليوم يمكن أن يكون الفرق بين الجوع والحياة.

﴿ ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا﴾ (سورة المائدة: 32)

إدعم مشاريع الأمن الغذائي

تبرع الآن
عودة للأخبار